للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرج النسائيّ عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لَقِيَ الرجل من أصحابه ماسحه ودعا له … " الحديث.

فظنّ أنه سيفعل به ذلك، وهو على غير طهارة في ظنّه.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "سُبْحَانَ اللهِ) المراد به التعجّب من كون أبي هريرة اعتقد نجاسة نفسه بسبب الجنابة، وهذه اللفظة من المصادر الملازمة للنصب؛ كمعاذَ الله، وغُفْرانك، وشبههما، مما هو منصوب بفعل مقدّر، لا يجوز إظهاره.

ومعناه تنزيه الله، وبراءته عن النقصان الذي لا يليق بجلاله وكماله.

ويُستعمل مفردًا ومضافًا، فإذا أُفرد فمنهم من يُنوّنه، ومنهم من لا ينوّنه، فمن الأول قوله [من البسيط]:

سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحَانًا أُسَبِّحُهُ … وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجَمَدُ

ومن الثاني قوله:

أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ … سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِرِ

فمن ترك تنوينه جعله عَلَمًا، فمنعه من الصرف؛ للعلميّة وزيادة الألف والنون، ومَن نوّنه جعله نكرةً، وقيل: بل صرفه للضرورة، وأبعد من قال: إنه مقطوع عن الإضافة، ذكره ابن الملقن - رحمه الله - (١).

(إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ) يقال: نَجِسَ الشيءُ - بالكسر - يَنْجَسُ - بالفتح - ونَجُسَ - بالضمّ - يَنْجُسُ، قاله القرطبيّ.

وقال النوويّ - رحمه الله -: يقال: بضمّ الجيم وفتحها لغتان، وفي ماضيه لغتان، نَجِسَ ونَجُسَ، بكسر الجيم وضمّها، فمن كسرها في الماضي فتحها في المضارع، ومَن ضمّها في الماضي ضمّها في المضارع أيضًا، هذا قياس مطّرِدٌ عند أهل العربيّة إلا أحرفًا مستثناةً من المكسور. انتهى (٢).

قال القرافيّ: وحقيقة النجاسة أنها عبارةٌ عن تحريم ملابسة المستقذرات، فهي حكم شرعيّ، راجع إلى الأحكام الخمسة، وهي التحريم، والاستقذار هو


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٢/ ١٣ - ١٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ٦٧.