للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ينجس" (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في طهارة المسلم حيًّا وميتًا، وهل الكافر نجسٌ أم لا؟:

قال النوويّ - رحمه الله -: هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيًّا وميتًا، فأما الحيّ فطاهر بإجماع المسلمين حتى الجنين إذا ألقته أمه، وعليه رطوبة فرجها، قال بعض أصحابنا: هو طاهر بإجماع المسلمين، قال: ولا يجيء فيه الخلاف المعروف في نجاسة رطوبة فرج المرأة، ولا الخلاف المذكور في كتب أصحابنا في نجاسة ظاهر بيض الدجاج ونحوه، فإن فيه وجهين بناءً على رطوبة الفرج. هذا حكم المسلم الحيّ.

وأما الميت ففيه خلاف للعلماء، وللشافعيّ فيه قولان: الصحيح منهما أنه طاهر، ولهذا غُسِل، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المسلم لا ينجس"، وذكر البخاريّ في "صحيحه" عن ابن عباس تعليقًا: "المسلم لا ينجس حيًّا ولا ميتًا"، هذا حكم المسلم.

وأما الكافر فحكمه في الطهارة والنجاسة حكم المسلم، هذا مذهبنا، ومذهب الجماهير من السلف والخلف، وأما قول الله - عزَّ وجلَّ - {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]، فالمراد نجاسة الاعتقاد، والاستقذارُ، وليس المراد أن أعضاءهم نجسةٌ كنجاسة البول والغائط ونحوهما، فماذا ثبتت طهارة الآدميّ مسلمًا كان أو كافرًا، فعَرَقه ولعابه ودمعه طاهرات، سواء كان مُحدِثًا، أو جنبًا، أو حائضًا أو نفساء، وهذا كله بإجماع المسلمين.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "بإجماع المسلمين" فيه نظر؛ لأن مذهب الظاهريّة نجاسة عين الكافر، فتنبّه.

قال: وكذلك الصبيان أبدانهم وثيابهم ولعابهم محمولة على الطهارة، حتى تُتَيَقَّن النجاسة، فتجوز الصلاة في ثيابهم، والأكل معهم من المائع، إذا غمسوا أيديهم فيه، ودلائل هذا كله من السنة والإجماع مشهورة. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (٢).


(١) راجع: "الفتح" ١/ ٤٦٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ٦٦.