النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بالأذان، وأَمْرُه على الفرض، وقد أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أبا محذورة أن يؤذّن بمكة، وأمر بلالًا بالأذان، وكل هذا يدلّ على وجوب الأذان.
وقد اختَلَف أهل العلم فيمن صلَّى بغير أذان ولا إقامة، فرُوي عن عطاء أنه قال فيمن نسي الإقامة: يعيد الصلاة، وبه قال الأوزاعيّ، ثم قال الأوزاعيّ فيمن نسي الأذان: يُعيد ما دام في الوقت، فإن مضى الوقت فلا إعادة، وكان يقول في الأذان والإقامة: يُجزئ أحدهما عن الآخر، وقد رُوي عن مجاهد أنه قال: من نسي الإقامة في السفر أعاد.
وقال مالك: إنما يجب النداء في مساجد الجماعة التي يُجمع فيها الصلاة.
وقالت طائفة: لا إعادة على من ترك الأذان والإقامة، وروينا عن الحسن أنه قال: من نسي في السفر فلا إعادة عليه، وكذلك قال النخعيّ، وقال الزهريّ وقتادة: من نسي الإقامة لم يُعِد صلاته، وقال مالك: لا شيء عليه إذا صلّى بغير إقامة، وإن تعمّد يستغفر الله، ولا شيء عليه، وقال أحمد، وإسحاق، والنعمان، وصاحباه في قوم صلَّوا بغير أذان ولا إقامة، قالوا: صلاتهم جائزة. انتهى كلام ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
وقال أبو محمد بن حزم - رَحِمَهُ اللهُ -: ولا تُجزئ صلاة فريضةٌ في جماعة: اثنين فصاعدًا إلا بأذان وإقامة، سواء كانت في وقتها، أو كانت مقضيّة لنوم أو لنسيان، متى قُضيت، السفر والحضر سواء في كلّ ذلك، فإن صلّى شيئًا من ذلك بلا أذان ولا إقامة، فلا صلاة لهم، حاشا الظهر والعصر بعرفة، والمغرب والعشاء بمزدلفة، فإنمها يُجمعان بأذان لكلّ صلاة، وإقامة للصلاتين معًا؛ لأثر في ذلك.
ثم ذكر حديث مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - المتقدّم، ثم قال: وما نعلم من لم ير ذلك فرضًا حُجّةً أصلًا، ولو لم يكن إلا استحلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دماء من لم يسمع عندهم أذانًا وأموالهم، وسبيهم لكفى في وجوب فرض ذلك،