للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صوتًا منك"، فقمت مع بلال، فجعلت أُلقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب، وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحقّ يا رسول الله، لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلله الحمد".

وأخرج ابن ماجه نحوه، وزاد: قال أبو عبيد (١): فأخبرني أبو بكر الحكميّ أن عبد الله بن زيد الأنصاريّ قال في ذلك [من الخفيف]:

أَحْمَدُ اللهَ ذَا الْجَلَالِ وَذَا الإِكْـ … ـرَامِ حَمْدًا عَلَى الأَذَانِ كَثِيرَا

إِذْ أَتَانِي بِهِ الْبَشِيرُ مِنَ اللَّـ … ـهِ فَأَكْرِمْ بِهِ لَدَيَّ بَشِيرَا

فِي لَيَالي وَالَى بِهِنَّ ثَلَاثٍ … كُلَّمَا جَاءَ زَادَنِي تَوْقِيرَا

قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - بعد إخراج الحديث من طريق ابن إسحاق بسند أبي داود قال: وليس في أسانيد أخبار عبد الله بن زيد إسناد أصحّ من هذا الإسناد، وسائر الأسانيد فيها مقال. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في الأذان على غير طهارة: اختلفوا فيه على مذاهب:

فكرهت طائفة أن يؤذّن المؤذّن إلا طاهرًا، فممن قال ذلك عطاء، ومجاهد، والأوزاعيّ، وكان الشافعيّ يكره ذلك، ويقول: يجزيه إن فعل، وبه قال أبو ثور، وقال أحمد: لا يؤذّن الجنب، وإن أذّن على غير طهارة أرجو أن لا يكون به بأس، وقال إسحاق: إذا أذّن الجنب أعاد الأذان، وقال: لا يؤذّن إلا متوضئ.

ورخّصت طائفة في الأذان على غير وضوء، وممن رخّص في ذلك الحسن البصريّ، والنخعيّ، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وقال الثوريّ: لا


(١) هو شيخ ابن ماجه محمد بن عُبيد بن ميمون المدنيّ، قال في "التقريب": صدوقٌ من العاشرة، مات سنة (٢٥١). انتهى. والحديث عند ابن ماجه حديث حسن، لكن الأبيات فيها انقطاع.
(٢) "الأوسط" ٣/ ١٣.