الثوريّ: وإذا أذّن وأقام فلا يتكلّمنّ فيهما، ولا بأس أن يتكلّم بينهما، وقال الشافعيّ: أحبّ أن لا يتكلّم في أذانه، فإن تكلّم فلا يعيد، وقال إسحاق: لا ينبغي للمؤذّن أن يتكلّم في أذانه إلا كلامًا من شأن الصلاة، نحو: صلّوا في رحالكم، وقال النعمان ويعقوب ومحمد: لا يتكلّم في أذانه وإقامته، فإن تكلّم في أذانه وصلّى القوم، فصلاتهم تامّة، وقد روينا عن الزهريّ أنه قال: إذا تكلّم الرجل في الإقامة أعاد الإقامة.
قال ابن المنذر: أحسن ما قيل في هذا الباب الرخصة في الكلام في الأذان مما هو شأن الصلاة، كما قال إسحاق، وعلى ذلك يدلّ حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، فإن تكلّم بما ليس من الصلاة فهو مكروه، ولا يبطل أذانه، ولا إقامته؛ إذ لا حجّة على إبطالهما. انتهى كلام ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح أن لا يتكلّم في أثناء الأذان، كما هو حال بلال وغيره من مؤذّني النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإن تكلّم فلا شيء عليه؛ لعدم ورود ما يدلّ على المنع؛ فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب.
(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم في أذان النساء:
قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: اختلفوا في أذان النساء، وإقامتهنّ، فروينا عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تؤذّن وتقيم، وعن وهب بن كيسان قال: سئل ابن عمر: هل على النساء أذان؟ فغضب، وقال: أنا أنهى عن ذكر الله؛ وحُكي عنه أنه قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة، ولأن تقيم أحبّ إلينا.
وقالت طائفة: عليهنّ إقامة، روي ذلك عن عطاء، ومجاهد، والأوزاعيّ، وقال الأوزاعيّ: ليس علبهنّ أذان، وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سئل: أتقيم المرأة؟ قال: نعم.
وقالت طائفة: ليس على النساء أذان ولا إقامة، كذلك قال أنس بن مالك، وروي ذلك عن ابن عمر، وقال أنس: إن فعلن فهو ذِكرٌ.
وممن قال: ليس على النساء أذانٌ ولا إقامةٌ: سعيد بن المسيّب، والحسن البصريّ، والنخعيّ، والزهريّ، والثوريّ، ومالكٌ، والشافعيّ،