حنيفة: إذا صلّى وحده إن أذّن وأقام فحسنٌ، وإن اكتفى بأذان الناس وإقامتهم أجزأه، وكذا قال أبو ثور.
وقالت طائفة: يكفيه الإقامة، وبه قال: سعيد بن جبير، والأوزاعيّ، والحسن، وابن سيرين، وميمون بن مِهْران، ومالك بن أنس.
وقالت طائفة: تجزئ الإقامة إلا في الفجر، فإنه يؤذّن ويقيم، روي هذا عن ابن سيرين، والنخعيّ.
وقالت: إن صلّى بغير أذان وإقامة أعاد الصلاة، وتجزيه الإقامة، وهو قول عطاء.
قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - بعد ذكر هذه الأقوال: أحبّ إليّ أن يؤذّن ويقيم إذا صلّى وحده، ويجزيه إن أقام، وإن لم يؤذّن، ولو صلّى بغير أذان ولا إقامة لم يجب عليه إعادة، وإنما أحببت الأذان والإقامة للمصلّي وحده؛ لما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعة الأنصاريّ، ثم المازنيّ، عن أبيه، أنه أخبره أن أبا سعيد الخدريّ قال له: إني أراك تُحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك، أو باديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يَسْمَع مَدَى صوت المؤذِّن جنّ، ولا إنسٌ، ولا شيءٌ إلا شَهِد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقد دلّ الحديث على أن الأذان ليس لاجتماع الناس فقط، بل لفضيلة الأذان أيضًا، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - مالك بن الحويرث وابن عمّه - رضي الله عنهما - بالأذان والإقامة، ولا جماعة معهما (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي الأرجح أن يؤذّن ويقيم من يصلّي وحده في بيته؛ لأن أدلّة مشروعيّة الأذان لم تشترط الجماعة، بدليل حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - المذكور؛ فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.