للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الحادية عشرة): في اختلاف أهل العلم في الأذان والإقامة من صلّى في مسجد قد صُلّي فيه:

(اعلم): أنهم اختلفوا في الرجل يأتي إلى مسجد قد صلَّى فيه أهله، فقالت طائفة: يؤذّن ويُقيم، كذلك فَعَل أنس بن مالك - رضي الله عنه -، دخل مسجدًا قد صُلّي فيه، فأذّن وأقام وصلّى جماعةً، وكان سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - إذا فاتته الصلاة مع القوم أذّن وأقام، وقال سعيد بن المسيّب، والزهريّ: يؤذّن ويقيم، وقال قتادة: لا يأتيك من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا خيرٌ.

واختُلف في هذه المسألة عن الشافعيّ، فحَكى الزعفرانيّ عنه أنه قال: أذان المؤذّنين وإقامتهم كافيةٌ، وحَكَى الربيع عنه أنه قال: إذا دخل مسجدًا أقيمت فيه الصلاة أحببت له أن يؤذّن ويقيم في نفسه، وسئل أحمد عنه فقال: أليس كذا فعل أنس؟.

وقالت طائفة: يقيم، روي هذا عن طاوس، وعطاء، ومجاهد، وبه قال مالك، والأوزاعيّ.

وقالت طائفة: ليس عليه أن يؤذّن ولا أن يقيم، رُوي ذلك عن الحسن، والنخعيّ، وعكرمة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.

قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - بعد ذكر هذه الأقوال: أذانه وإقامته أحبّ إليّ، وإن اقتصر على أذان أهل المسجد فصلّى، فلا إعادة عليه، ولا أحبّ أن يفوته فضل الأذان. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي يظهر لي أن من أتى مسجدًا قد صلى فيه أهله، وتفرّقوا أن يؤذّن ويقيم، ولا يقتصر على الأذان الأول؛ لأنه لم يحضره؛ فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية عشرة): في اختلاف أهل العلم في أخذ الأجرة على الأذان:

قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: اختلفوا في ذلك، فكرهت طائفة أخذ الأجرة على


(١) "الأوسط" ٣/ ٦٠ - ٦٢.