محذورة سنّة، ينبغي العمل به في الأوقات المختلفة، ولكن الذي ينبغي المداومة عليه هو الأصحّ، فالأصحّ.
قال العلامة ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ -: كلُّ هذه الوجوه جائزة مُجزئةٌ، لا كراهة فيها، وإن كان بعضها أفضل من بعض؛ لأنه قد ثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جميع ذلك، وعَمِل به أصحابه، فمن شاء رَبَّعَ التكبير، ومن شاء ثنّى الإقامة، ومن شاء أفردها، إلا "قد قامت الصلاة"، فإن ذلك مرّتان على كلّ حال، وهذا كما قيل في التشهّدات، والتوجيهات، ولكن ذلك لا ينافي أن يختار الإنسان لنفسه أصحّ ما ورد، أو أن يأخذ بالزائد فالزائد، هذا خلاصة ما في الباب. انتهى كلام ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ -.
والحاصل أن الأولى أن يستعمل كلّ ما صحّ من كيفيّة الأذان والإقامة، ولا يقتصر على كيفيّة معيّنة؛ لأن بذلك يحصل العمل بكلّ ما ثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وخلافه لا يؤدّي إلى ترك العمل ببعض ما صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم -، فيعمل بهذا تارة، وبهذا تارة، ولكن يعمل في أكثر الأوقات بما هو الأصحّ رواية، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في تثنية الإقامة، وإفرادها:
اختلفوا في هذا على مذاهب:
فذهبت طائفة إلى أنها فرادى، فممن رُوي عنه ذلك: عروة بن الزبير، والحسن البصريّ، وعمر بن عبد العزيز، وخالد بن معدان، ومكحول، ومالك، وأهل الحجاز، والأوزاعيّ، وأهل الشام، والشافعيّ، وأصحابه، ويحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، واحتجّوا بحديث أنس - رضي الله عنه - المتّفق عليه:"أُمر بلالٌ أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة".
قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - بعد حكايته الخلاف -: أما الأذان فعلى حديث أبي محذورة؛ لأن ذلك لم يزل يؤذَّن به على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالحرمين جميعًا، ثم لم يزل كذلك يؤذَّن به بمكة إلى اليوم، وكذلك