للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالعمل المتصل عندهم بذاك، وكذلك الكوفيون، والبصريون، ولكل واحد منهم آثار تشهد لقوله.

أما تثنية التكبير في أوله على مذهب أهل الحجاز، فرُوي من طُرُق صحاح عن أبي محذورة وعبد الله بن زيد الأنصاريّ، وتربيعه أيضًا عن أبي محذورة من طُرُق أُخَر، وعن عبد الله بن زيد، قال الشافعيّ: وهي زيادات يجب قبولها مع اتصال العمل بذلك بمكة، وأما الترجيع الذي اختاره المتأخرون من أصحاب مالك، فرُوي من طريق أبي قُدامة، قال أبو عمر: وأبو قدامة عندهم ضعيف.

وأما الكوفيون فبحديث ابن أبي ليلى (١)، وفيه أن عبد الله بن زيد رأى في المنام رجلًا، قام على خُرْم حائط (٢)، وعليه بُرْدان أخضران، فأذَّن مثنى، وأقام مثنى وأنه أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام بلال فأذّن مثنى وأقام مثنى، والذي أخرجه البخاريّ في هذا الباب، إنما هو من حديث أنس فقط، وهو أن بلالًا أُمِر أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة، إلا "قد قامت الصلاة"، فإنه يثنيها، وأخرج مسلم عن أبي محذورة، على صفة أذان الحجازيين.

ولمكان هذا التعارض الذي ورد في الأذان رأى أحمد بن حنبل وداود أن هذه لا على إيجاب واحدة منها، وأن الإنسان مخير فيها. انتهى كلام ابن رشد - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم أن ما ذهب إليه أحمد وداود، وهو مذهب كثير من أهل الحديث وهو التخيير في ذلك هو الحقّ، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في عدد كلمات الإقامة:

ذهب الشافعيّ، وأحمد، وجمهور العلماء إلى أن ألفاظ الإقامة إحدى عشرة كلمة، كلها مفردة إلا التكبير في أولها وآخرها، ولفظ "قد قامت


(١) حديث ابن أبي ليلى أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه".
(٢) في "القاموس": خُرْم الأَكَمَة بالضمّ: منقطعها. اهـ.
(٣) "بداية المجتهد، ونهاية المقتصد" ١/ ١٠٥ - ١٠٦.