للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة"، فإنها تثنّى، واستدلّوا بحديث أنس المتقدّم، وغيره.

وذهب الحنفيّة، والثوريّ، وابن المبارك، وأهل الكوفة إلى أن ألفاظ الإقامة مثل الأذان، مع زيادة "قد قامت الصلاة" مرّتين، واستدلّوا بحديث عبد الله بن زيد، فقد وقع في بعض روايته بلفظ: "كان أذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفعًا شفعًا في الأذان والإقامة"، وأعلّه الترمذيّ بالانقطاع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى، وبين عبد الله بن زيد، والأصحّ أنه صحيح؛ لأن ابن أبي ليلى قال: حدّثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - … فذكره، فهو متّصل بلا ريب، وقال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النسائيّ وغيره. انتهى.

وقال الشوكانيّ - رَحِمَهُ اللهُ - بعد ذكر نحو ما سبق -: إذا عرفت هذا تبيّن لك أن أحاديث تثنية الإقامة صالحة للاحتجاج بها؛ لما أسلفناه، وأحاديث إفراد الإقامة، وإن كانت أصحّ منها؛ لكثرة طرقها، وكونها في "الصحيحين"، لكن أحاديث التثنية مشتملة على الزيادة، فالمصير إليها لازم مع تأخّر تاريخ بعضها، كما عرّفناك. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الأحسن مما قاله الشوكاني ما قدّمناه من أن العمل بالحديثين هو الصواب؛ لصحّتهما، فيعمل بالإفراد تارةً، وبالتثنية أخرى، لكن يعمل في أكثر الأوقات بما هو الأقوى، والأرجح، وهو الإفراد، فهذا أحسن من دعوى النسخ أو غيره، فتبصر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم التثويب:

اختَلَفوا فيه، فذهبت طائفة إلى مشروعيّته، وممن قال به ابن عمر، والحسن البصريّ، وابن سيرين، والزهريّ، ومالك، والثوريّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، قاله ابن المنذر، وزاد ابن قُدامة: الأوزاعيّ.

قال ابن المنذر: وقد كان الشافعيّ يقول به إذ هو بالعراق، قال: وهو الظاهر المعمول به في مسجد الله، ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحَكَى عنه البُويطيّ أنه كان يقول به، وقال في "كتاب الصلاة": ولا أُحبّ التثويب في الصبح، ولا


(١) "نيل الأوطار" ٢/ ١٠٦ - ١٠٨.