للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في غير هذا؛ لأن أبا محذورة لم يَحْكِ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه أمره بالتثويب، فأكره الزيادة في الأذان، وأكره التثويب بعده.

قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: وما هذا إلا سهوٌ منه ومنسيٌّ، حيث كتب هذه المسألة؛ لأنه حَكَى ذلك في الكتاب العراقيّ عن سعد القَرَظ، وعن أبي محذورة، ورَوَى ذلك عن عليّ.

قال: وخالف النعمان، فاستحسن التثويب بين الأذان والإقامة، يقول: "حي على الصلاة" مرّتين، "حيّ على الفلاح" مرّتين، وخالف ما ثبت عن مؤذّني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من أنهم كانوا يثوّبون في نفس الأذان قبل الفراغ منه.

قال: وبالأخبار التي رويناها عن بلال، وأبي محذورة نقول، ولا أرى التثويب إلا في أذان الفجر خاصّةً، يقول بعد قوله: "حيّ على الفلاح": "الصلاة خيرٌ من النوم" مرّتين. انتهى كلام ابن المنذر ملخّصًا (١)، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرح المهذّب" (٢): يكره التثويب في غير الصبح، وهذا مذهبنا، ومذهب الجمهور، وحُكي عن النخعيّ أن التثويب سنة في كلّ الصلوات كالصبح، وحُكي عن الحسن بن صالح أنه استحبّه في أذان العشاء أيضًا؛ لأن بعض الناس قد ينام عنها.

وحجة الأولين حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردّ"، متّفقٌ عليه. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر الأقوال وأدلّتها أن الأرجح استحباب التثويب في أذان الفجر بقوله بعد الحيعلتين: "الصلاة خير من النوم" مرّتين؛ لصحّة الخبر بذلك.

وأما ما أحدثه الناس من نحو قولهم: الصلاة يرحكم الله، أو ما يسمّونه بالترحيب في الفجر، أو غير ذلك، فإن هذا كلّه من البدع المنكرة، يجب إزالته على من يستطيع.


(١) راجع: "الأوسط" ٣/ ٢١ - ٢٤.
(٢) راجع: "المجموع" ٣/ ٩٧ - ٩٨.