من ذلك "حيّ على الصلاة"، و"حي على الفلاح"، فيقول بدلهما:"لا حول ولا قوة إلا باللَّه"، كذلك استدل به ابن خزيمة، وهو المشهور عند الجمهور.
وقال ابن المنذر: يَحْتَمِل أن يكون ذلك من الاختلاف المباح، فيقول تارةً كذا، وتارةً كذا.
وحَكَى بعض المتأخرين عن بعض أهل الأصول، أن الخاصّ والعامّ إذا أمكن الجمع بينهما، وجب إعمالهما، قال: فَلِمَ لا يقال: يُستَحَبّ للسامع أن يجمع بين الحيعلة والحوقلة، وهو وجهٌ عند الحنابلة.
وأجيب عن المشهور من حيث المعنى بأن الأذكار الزائدة على الحيعلة يَشترك السامع والمؤذن في ثوابها، وأما الحيعلة فمقصودها الدعاء إلى الصلاة، وذلك يَحصُل من المؤذّن، فَعُوِّض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة بثواب الحوقلة.
ولقائل أن يقول: يَحْصُل للمجيب الثواب لامتثاله الأمر، ويمكن أن يزداد استيقاظًا وإسراعًا إلى القيام إلى الصلاة، إذا تكرر على سمعه الدعاء إليها من المؤذن، ومن نفسه، ويقرب من ذلك الخلاف في قول المأموم:"سَمِع اللَّه من حمده"، كما سيأتي في موضعه -إن شاء اللَّه تعالى-.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الاقتصار على الحوقلة في إجابة الحيعلتين هو الصواب؛ لأن عموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فقولوا مثل ما يقول" فُسّر بحديث عمر ومعاوية -رضي اللَّه عنهما-، فالحقّ أن يُعمَل بالتفسير؛ فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى الحيعلتين: هَلُمّ بوجهك، وسريرتك إلى الهدى عاجلًا، والفوز بالنعيم آجلًا، فناسب أن يقول: هذا أمرٌ عظيمٌ لا أستطيع مع ضعفي القيام به، إلا إذا وَفَّقني اللَّه بحوله وقوته.
ومما لُوحِظت فيه المناسبة ما نَقَل عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: حُدِّثت أن الناس كانوا يُنصتون للمؤذن إنصاتهم للقراءة، فلا يقول شيئًا إلا قالوا مثله، حتى إذا قال:"حي على الصلاة" قالوا: "لا حول ولا قوة إلا باللَّه"، وإذا قال:"حي على الفلاح"، قالوا:"ما شاء اللَّه". انتهى. وإلى هذا صار بعض الحنفية، ورَوَى ابن أبي شيبة مثلَهُ عن عثمان، ورُوي عن سعيد بن