للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن لا أَخِرَّ إلا قائمًا (١)، قال أحمد: معناه أن يَسْجُد من غير ركوع.

وخَرَّج محمد بن نصر المروزي بإسناد ضعيف جدًّا عن أنس - رضي الله عنه - قال: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقبَلُ مَنْ أجابه إلى الإسلام، إلا بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وكانتا فريضتين على مَن أَقَرَّ بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالإسلام، وذلك قول الله عز وجل: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المجادلة: ١٣]، وهذا لا يثبت (٢) وعلى تقدير ثبوته، فالمراد منه أنه لم يكن يُقِرُّ أحدًا دخل في الإسلام على ترك الصلاة والزكاة، وهذا حقٌّ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أَمَر معاذًا - رضي الله عنه - لَمّا بعثه إلى اليمن أن يدعوهم أوّلًا إلى الشهادتين، وقال: إن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم بالصلاة، ثم بالزكاة، ومراده أنّ من صار مسلمًا بدخوله في الإسلام أُمر بعد ذلك بإقام الصلاة، ثم بإيتاء الزكاة، وكان مَن سأله عن الإسلام يَذْكُر له مع الشهادتين بقية أركان الإسلام، كما قال لجبريل عليه السلام لَمّا سأله عن الإسلام، وكما قال للأعرابي الذي جاءه ثائرَ الرأس، يسأله عن الإسلام.

وبهذا الذي قررناه يَظهَر الجمع بين ألفاظ أحاديث هذا الباب، ويتبين أن كلها حَقٌّ، فإن كلمتي الشهادتين بمجردها تَعْصِم مَنْ أتى بهما، ويصير بذلك مسلمًا، فإذا دخل في الإسلام، فإن أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وقام بشرائع الإسلام، فله ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين، وإن أَخَلَّ بشيء من هذه الأركان، فإن كانوا جماعةً لهم مَنَعَةٌ قوتلوا.

وقد ظَنَّ بعضهم أن معنى الحديث أن الكافر يُقاتَل حتى يأتي بالشهادتين، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، وجعلوا ذلك حجةً على خطاب الكفار بالفروع، وفي هذا نظرٌ، وسيرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في قتال الكفار تدل على خلاف هذا، وفي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليًّا يوم خيبر، فأعطاه


(١) رواه أحمد ٣/ ٢٥ و ٣٦٣، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) رواه ابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" ١/ ٩٥ وفي سنده عروة بن مروان العرقيّ الرقيّ، قال الدارقطنيّ: كان أميًّا ليس بالقويّ، وأبو العوّام، عمران بن داور القطان صاحب أوهام.