للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الراية، وقال: "امش، ولا تَلْتَفِت حتى يفتح الله عليك"، فسار عليّ شيئًا، ثم وَقَفَ، فَصَرَخَ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ فقال: "قاتلهم على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"، فإذا فعلوا ذلك فقد عَصَمُوا منك دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل" (١).

فجعل مجرد الإجابة إلى الشهادتين عصمةً للنفوس والأموال، إلا بحقها، ومن حقّها عدم الامتناع عن الصلاة والزكاة، بعد الدخول في الإسلام، كما فهمه الصحابة - رضي الله عنهم -.

ومما يدل على قتال الجماعة الممتنعين من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة من القرآن، قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} الآية [التوبة: ٥]، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} الآية [التوبة: ١١]، وقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٣]، مع قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} [البينة: ٥].

وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قومًا لم يُغِرْ عليهم حتى يُصبِح، فإن سمع أذانًا، وإلا أغار عليهم (٢).

مع احتمال أن يكونوا قد دخلوا في الإسلام، وكان يوصي سراياه: "إن سمعتم مؤذنًا، أو رأيتم مسجدًا، فلا تقتلوا أحدًا" (٣).

وقد بَعَثَ عيينة بن حِصْن إلى قوم من بني الْعَنْبر، فأغار عليهم، ولم يَسمَع أذانًا، ثم ادَّعَوا أنهم قد أسلموا قبل ذلك.

وبَعَثَ - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل عُمَان كتابًا فيه: "من محمد النبي إلى أهل عُمَان، سلام عليكم، أما بعدُ فأقرُّوا بشهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأَدُّوا الزكاة، وخُطُّوا المساجد، وإلا غَزَوْتكم". خَرَّجه البزّار، والطبرانيّ، وغيرهما (٤).


(١) رواه مسلم (٢٤٠٦).
(٢) رواه أحمد في "مسنده" ٣/ ١٥٩، والبخاريّ في "صحيحه" (٦١٠).
(٣) رواه أحمد ٤/ ٢٢٦ وأبو داود (٢٦٣٥) والترمذيّ (١٥٤٩) وحسّنه، ولكن في سنده ابن عصام المزنيّ، قال ابن المدينيّ: لا يُعرف.
(٤) قال الهيثمي في "المجمع" ٣/ ٦٤ بعد أن عزاه إلى البزار: وهو مرسل، وفيه من لا يعرف.