٤ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على جواز إجابة المؤذن في الصلاة؛ عملًا بظاهر الأمر، ولأن المجيب لا يَقْصِد المخاطبة، وقيل: يؤخر الإجابة حتى يفرغ؛ لأن في الصلاة شُغْلًا، وقيل: يجيب إلا في الحيعلتين؛ لأنهما كالخطاب للآدميين، والباقي من ذكر اللَّه، فلا يُمنَع، لكن قد يقال: من يبدل الحيعلة بالحوقلة لا يُمنَع؛ لأنها من ذكر اللَّه، قاله ابن دقيق العيد، وفَرَّق ابن عبد السلام في "فتاويه" بين ما إذا كان يقرأ الفاتحة فلا يجيب؛ بناءً على وجوب موالاتها، وإلا فيجيب، وعلى هذا إن أجاب في الفاتحة استَأْنَف، وهذا قاله بحثًا، والمشهور في المذهب كراهة الإجابة في الصلاة، بل يؤخرها حتى يفرغ، وكذا في حال الجماع والخلاء، لكن إن أجاب بالحيعلة بطلت، كذا أطلقه كثير منهم، ونَصَّ الشافعي في "الأم" على عدم فساد الصلاة بذلك، قاله في "الفتح".
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي القول بعدم الإجابة في الصلاة هو الأرجح؛ لما أخرجه الشيخان عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: كنا نسلّم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في الصلاة، فيَرُدّ علينا، فلما رَجَعنا من عند النجاشيّ، سلَّمنا عليه فلم يرُدّ علينا، فقلنا: يا رسول اللَّه، كنا نسلِّم عليك في الصلاة، فترد علينا؟ فقال:"إن في الصلاة لشُغْلًا".
ومعلوم أن السلام ذكرٌ، وردّه آكد من إجابة الأذان، فيدلّ على أن الإجابة في حال الصلاة غير مشروعة؛ فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): ما قال في "الفتح": استُدِلّ به على مشروعية إجابة المؤذن في الإقامة، قالوا: إلا في كلمتي الإقامة، فيقول:"أقامها اللَّه وأدامها"، وقياس إبدال الحيعلة بالحوقلة في الأذان أن يجيء هنا، لكن قد يُفَرَّق بأن الأذان إعلام عامّ فيَعْسُر على الجميع أن يكونوا دُعاة إلى الصلاة، والإقامة إعلام خاصّ، وعدد من يسمعها محصور، فلا يعسُر أن يدعو بعضهم بعضًا.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "فيقول: أقامها اللَّه، وأدامها" تقدّم أنه مما لا دليل عليه، وأما ما أخرجه أبو داود: أن بلالًا أَخَذ في الإقامة، فلما أن قال:"قد قامت الصلاة"، قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقامها اللَّه وأدامها"، فإنه حديث