للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو استحسان من قائله، فلا ينبغي الالتفات إليه؛ فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ) أتى بـ "ثُمّ" إشارة إلى أن الصلاة تكون بعد الفراغ من الإجابة (فَإِنَّهُ) الضمير للشأن، وهو ضمير تفسّره جملة بعده، وهي هنا قوله: (مَنْ) شرطيّة مبتدأ (صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً) أي واحدةً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا) أي بسببها (عَشْرًا) أي عشر صلوات.

ومعنى صلاة اللَّه على عبده: ثناؤه على العبد عند الملائكة، كما حكاه البخاريّ في "صحيحه" عن أبي العالية، ورواه أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، وقيل: رحمته، كما نقله الترمذيّ في "جامعه" عن الثوريّ، وغير واحد من أهل العلم، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": وقد يقال: لا منافاة بين القولين (١)، وضعّف العلامة ابن القيّم القول الثاني، وبالغ في تضعيفه والردّ عليه بأوجه كثيرة (٢)، وقد تقدّم تحقيق ذلك، مع أبحاث كثيرة في "شرح المقدّمة" عند قول المصنّف: "وصلّى اللَّه على محمد خاتم النبيين"، فراجعه تستفد (٣)، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.

[تنبيه]: ينبغي أن تكون الصلاة بالصيغة الواردة عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي الصلاة الإبراهيميّة، ولا ينبغي لعاقل أن يشتغل بغيرها، ولها صيغ مختلفة، وسيأتي للمصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعضها في محلّه -إن شاء اللَّه تعالى-.

ولا ينبغي أيضًا أن يرفع صوته، كما يفعله بعض المبتدعة في بعض البلدان، حيث يرفعون أصواتهم بعد الأذان على المنارة؛ فإن ذلك من البدع التي حذّر منها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي) أمر من سأل يسأل بالهمزة على النقل، والحذف، والاستغناء، أو من سال بالألف المبدلة من الهمزة، أو الواو، أو الياء، قاله القاري (٤). (الْوَسِيلَةَ) بفتح الواو، وكسر السين المهملة، فَعِيلة بمعنى مفعولة، قال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هي في الأصل ما يُتوسَّل به إلى الشيء، ويُتقَرَّبُ به إليه،


(١) راجع: "تفسير ابن كثير" ٣/ ٥٠٣.
(٢) راجع: "جلاء الأفهام" ص ٨٢.
(٣) راجع: "قرّة عين المحتاج" ١/ ٢٢٣ - ٢٣٣.
(٤) راجع: "المرقاة" ٢/ ٣٥٠.