للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجمعها وَسَائل، وإنما سُمِّيت تلك المنزلة من الجنّة بها؛ لأن الواصل إليها يكون قريبًا من اللَّه -سبحانه وتعالى-، فائزًا بلقائه، مخصوصًا من بين سائر الدرجات بأنواع الكرامات. انتهى (١).

وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "الوسيلة": المنزلة عند الملك، والوسيلة الدرجة، والوسيلة القربة، ووَسَلَ فلانٌ إلى اللَّه وَسِيلةً: إذا عَمِلَ عَمَلًا تَقَرَّب به إليه، والواسل: الراغب إلى اللَّه، قال لَبِيد [من الطويل]:

أَرَى النَّاسَ لَا يَدْرُونَ مَا قَدْرُ أَمْرِهِمْ … بَلَى كُلُّ ذِي رَأْيٍ إِلَى اللَّهِ وَاسِلُ

وتوسل إليه بوَسِيلة: إذا تقرَّب إليه بعمل، وتوسل إليه بكذا تقرب إليه بِحُرْمة آصِرَةٍ تُعْطِفه عليه، والوسيلة: الْوُصْلةُ والْقُرْبَى، وجمعها الوسائل، قال اللَّه تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: ٥٧].

وقال الجوهريّ: الوسيلةُ: ما يُتَقَرَّب به إلى الغير، والجمع الْوُسُلُ، والْوَسَائل، والتوسيل، والتوسل واحد، وفي حديث الأذان: "اللَّهم آت محمدًا الوسيلة"، هي في الأصل: ما يُتَوَصَّل به إلى الشيء، ويُتَقَرَّب به، والمراد به في الحديث: القرب من اللَّه تعالى، وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل: هي منزلة من منازل الجنة، كما جاء في الحديث. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أولى التفاسير للوسيلة هنا أنها منزلة من منازل الجنّة؛ لحديث الباب؛ لأن خير ما فُسّر به الوارد هو الوارد، واللَّه تعالى أعلم.

(فَإِنَّهَا) أي الوسيلة (مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ) أي من منازلها، وهي أعلاها، وأغلاها على الإطلاق (لَا تَنْبَغِي) أي لا تصلح، ولا تتيسّر، قال الزجّاج: يقال: انبغى لفلان أن يفعل كذا: أي صَلَح له أن يفعل كذا، وكأنه قال: طَلَبَ فِعْلَ كذا، فانطلب له: أي طاوعه، ولكنّهم اجتزءوا بقولهم: انبغى، وانبغى الشيء: تيسّرَ وتسهّل، وقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩]: أي ما يتسهّل له ذلك؛ لأنا لم نعلّمه الشعر، وقال ابن الأعرابيّ: وما ينبغي له: وما يصلح له. انتهى (٣). (إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ) يعني أنه لا تصلح


(١) راجع: "المرقاة" ٢/ ٣٥٠.
(٢) "لسان العرب" ١١/ ٧٢٥.
(٣) "لسان العرب" ١٤/ ٧٧.