للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كهذا الحديث، وفي حديث آخر نظيره يقرّر أن هذه الزيادة لا تقبل، وهكذا غيره من محققي النقّاد يسلكون هذا المسلك، وما ذاك إلا لأن قبول زيادة الثقة، وردّها تحتاج إلى النظر فيها حسب القرائن، فلا تُقبل على الإطلاق، ولا تردّ على الإطلاق، وقد قدّمت تحقيق هذا في "شرح المقدّمة" عند كلام الإمام مسلم على زيادة الثقة، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

شرح الحديث:

(عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إذا" شرطيّة، وقوله: "فقال" عطفٌ على الشرط، وجزاء الشرط قوله: "دخل الجنّة"، والمعطوفات بـ "ثمّ" مقدّرات بحرف الشرط والفاء، ويجوز أن يكون "فقال" جوابًا للشرط، وكذا قال في المعطوفات. انتهى (١). (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) لم يذكر الأربع اكتفاءً بذكر الاثنين منها، ومن ثَمّ ذكر واحدًا من الاثنين فيما بعدُ، وفيه دليلٌ أنه يستحبّ للمؤذّن أن يقول كلّ تكبيرتين بنفس واحد (٢). (فَقَالَ أَحَدُكُمُ) عطف على الشرط (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ) عطف على "قال" الأوّلِ، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المعطوفات بثُمّ مقدَّرات بحرف الشرط والفاء، أي إذا قال المؤذِّن: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ) أي فقال أحدكم، فحُذف اختصارًا (٣). (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) أي لا حِيلةَ في الخلاص من موانع الطاعة، ولا قُوّة على فعلها إلا بتوفيق اللَّه تعالى.

وقال الراغب الأصبهانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحال لما يختصّ به الإنسان وغيره من الأمور المعتبرة في نفسه وجسمه أو ما يتّصل به، والحول: ما له من القوّة في أخذ هذه الأحوال، ومنه قيل: "لا حول ولا قُوّة إلا باللَّه".

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن الرجل إذا دُعي بالحيعلتين كأنه قيل له: أقبِلْ


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٩١٢.
(٢) "المرعاة" ٢/ ٢٦٤.
(٣) "المرعاة" ٢/ ٢٦٤.