للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَرَكِّبِ الْمُفْرَدَ فَاتِحًا كَـ "لَا … حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ" وَالثَّانِي اجْعَلَا

مَرْفُوعًا أَوْ مَنْصُوبًا أَوْ مُرَكَّبَا … وَإِنْ رَفَعْتَ أَوَّلًا لَا تَنْصِبَا

قال الْهَرَويّ: قال أبو الهيثم: الحول: الحركة، أي لا حركة ولا استطاعةَ إلا بمشيئة اللَّه، وكذا قال ثعلب وآخرون، وقيل: لا حولَ في دفع شرٍّ، ولا قوة في تحصيل خير، إلا باللَّه، وقيل: لا حول عن معصية اللَّه إلا بعصمته، ولا قُوّة على طاعته إلا بمعونته، وحُكِيَ هذا عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، وحَكَى الجوهريّ لغةً غريبةً ضعيفةً، أنه يقال: "لا حَيْلَ، ولا قوة إلا باللَّه" بالياء، قال: والحيل والحول بمعنًى. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: لغة غريبة ضعيفة، فيه نظر؛ لأن الحول والحيل بالواو والياء لغتان معروفتان، اللَّهمّ إلا إذا أراد خُصُوصَ هذا التركيب.

قال المجد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "القاموس": و"الْحَوْلُ"، و"الْحَيْلُ"، و"الْحِوَلُ"، كعِنَبٍ، و"الْحَوْلَةُ"، و"الْحِيلَةُ"، و"التحويل"، و"الْمحَالَةُ"، و"الْمَحَالُ"، و"الاحتيال"، و"التّحَوُّلُ"، و"التّحَيُّلُ": الْحِذْقُ وجَوْدَةُ النظر، والقدرةُ على التصرّف. انتهى كلام المجد (٢).

وهكذا أثبت هذا كلّه في "الجامع"، و"المنتهى"، و"الموعب"، و"المخصص"، و"المحكم"، ذكره في "العمدة" (٣).

فقد ثبت بهذا أن الْحَيْلَ بالياء لغة فصيحة، مثلُ الحول بالواو، وليست ضعيفةً، كما زعمه النوويّ؛ فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه آخر]: قال الأزهريّ والأكثرون: يقال في التعبير عن قولهم: "لا حول، ولا قوة إلا باللَّه": الْحَوْقَلة، وقال الجوهريّ: الحولقة، فعلى الأول، وهو المشهور الحاء والواو من الحول، والقاف من القوة، واللام من اسم اللَّه تعالى، وعلى الثاني الحاء واللام من الحول، والقاف من القوة، والأول أولى؛ لئلا يُفْصَل بين الحروف.


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٨٧.
(٢) "القاموس المحيط" ٣/ ٣٦٣.
(٣) راجع: "عمدة القاري" ٥/ ١٢١.