فقال الثوريّ: حدثنا يزيد بن أبي زياد، فقال الأوزاعيّ، أروي لك عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتعارضني بيزيد بن أبي زياد، ويزيد رجل ضعيف الحديث، وحديثه مخالف للسنة؟، قال: فاحمارّ وجهُ سفيان، فقال الأوزاعيّ: كأنك كَرِهتَ ما قلت؟ قال الثوريّ: نعم، فقال الأوزاعيّ: قم بنا إلى المقام نلتعن أينا على الحقّ؟ قال: فتبسم الثوريّ لَمّا رأى الأوزاعي قد احتدّ. انتهى ما قاله وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
وقال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: احتج القائلون باستحباب رفع اليدين في الصلاة بالأحاديث الكثيرة عن العدد الكثير من الصحابة، حتى قال الشافعيّ: رَوَى الرفع جمع من الصحابة، لعله لم يُرْوَ حديث قط بعدد أكثر منهم.
وقال البخاريّ في "جزء رفع اليدين": رَوَى الرفعَ تسع عشرة نفسًا من الصحابة، وسرد البيهقيّ في "السنن"، وفي "الخلافيات" أسماء مَن رَوَى الرفع نحوًا من ثلاثين صحابيًّا، وقال: سمعت الحاكم يقول: اتفق على رواية هذه السنّة العشرة المشهود لهم بالجنة، فمن بعدهم من أكابر الصحابة، قال البيهقيّ: وهو كما قال، قال الحاكم، والبيهقيّ أيضًا: ولا يُعلَم سنّة اتَّفَق على روايتها العشرة، فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في الأقطار الشاسعة غير هذه السنّة.
ورَوَى ابن عساكر في "تاريخه" من طريق أبي سلمة الأعرج، قال: أدركت الناس كلهم يرفع يديه عند كل خفض ورفع، قال البخاريّ في الجزء المذكور: قال الحسن، وحميد بن هلال: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يرفعون أيديهم، ولم يَسْتَثنِ أحدًا منهم، قال البخاريّ: ولم يثبت عن أحد من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لم يرفع يديه، وجمع العراقي عَدَد من رَوَى رفع اليدين في ابتداء الصلاة، فبلغوا خمسين صحابيًّا، منهم العشرة المشهود لهم بالجنة.
قال الحافظ في "الفتح": وذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل، أنه تتبع مَن رواه من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فبلغوا خمسين رجلًا.
واحتَجَّ من قال بعدم الاستحباب بحديث جابر بن سمرة عند مسلم، وأبي