داود، قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال:"ما لي أراكم رافعي أيديكم، كأنها أذناب خيل شُمْس؟ اسكنوا في الصلاة".
وأجيب عن ذلك بأنه وَرَدَ على سبب خاصّ، فإن مسلمًا رواه أيضًا من حديث جابر بن سمرة، قال: كنا إذا صلينا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قلنا: السلام عليكم ورحمة اللَّه، السلام عليكم ورحمة اللَّه، وأشار بيديه إلى الجانبين، فقال لهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "علامَ تومئون بأيديكم، كأنها أذناب خيل شُمس؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه، من عن يمينه، ومن عن شماله".
ورُدّ هذا الجواب بأنه قصر للعام على السبب، وهو مذهب مرجوح، كما تقرر في الأصول.
وهذا الردُّ مُتَّجِهٌ لولا أن الرفع قد ثبت من فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- ثبوتًا متواترًا، كما تقدم، وأقل أحوال هذه السنّة المتواترة أن تَصْلُح لجعلها قرينة لقصر ذلك العام على السبب، أو لتخصيص ذلك العموم على تسليم عدم القصر، وربما نازع في هذا بعضهم، فقال: قد تقرر عند بعض أهل الأصول أنه إذا جُهِل تاريخ العام والخاص اطُّرِحَا، وهو لا يَدري أن الصحابة قد أجمعت على هذه السنّة بعد موته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهم لا يُجمِعون إلا على أمر فارقوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه، على أنه قد ثبت من حديث ابن عمر عند البيهقيّ أنه قال بعد أن ذَكَر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الاعتدال: فما زالت تلك صلاته حتى لقي اللَّه تعالى.
وأيضًا المتقرر في الأصول بأن العامّ والخاصّ إذا جُهِل تاريخهما وَجَب البناء، وقد جعله بعض أئمة الأصول مُجمعًا عليه، كما في "شرح الغاية"، وغيره.
ورُبّما احتَجّ بعضهم بما رواه الحاكم في "المدخل" من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- بلفظ:"مَن رفع يديه في الصلاة فلا صلاة له"، وربما رواه ابن الجوزيّ عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- بنحو حديث أنس، وهو لا يشعر أن الحاكم قال بعد إخراج حديث أنس: إنه موضوع، وقد قال في "البدر المنير": إن في إسناده محمد بن عكاشة الكرمانيّ، قال الدارقطنيّ: يضع الحديث، وابن الجوزيّ جعل حديث