للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي هريرة المذكور من جملة الموضوعات. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر مذاهب العلماء، وأدلتهم في حكم رفع اليدين في الصلاة أن الصواب ما ذهب إليه الجمهور، وهو استحباب الرفع مطلقًا.

والحاصل أن رفع اليدين عند الافتتاح، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وفي القيام للثالثة، هو مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين، ومن بعدهما من المحقّقين، وهو الحقّ الذي تؤيّده الدلائل الواضحة كالشمس في رابعة النهار، وليس للمخالفين دليلٌ يصلح للاعتماد عليه، بل هي ضعاف، وعلى تقدير صحّتها تُحمل على أنه ترك الرفع في بعض الأوقات؛ لبيان الجواز.

وأما الاحتجاج بحديث جابر بن سمرة -رضي اللَّه عنهما- المذكور، فمن الغرائب؛ فإن جلّ من أنكر الرفع في الركوع؛ كالحنفيّة، أثبت الرفع في الافتتاح، فهلّا يدخل في هذا النهي، فما كان جوابًا عنه، فهو جواب هنا بلا فرق؛ فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وعمدة العنيد.

وقد أجاد الشيخ عبيد اللَّه المباركفوريّ في كتابه "المرعاة شرح المشكاة" في هذا البحث، فراجعه (٢) تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): الذي دل عليه حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- هذا أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل الرفع في المواطن الثلاثة، ولا دلالة له على وجوب ذلك، ولا على استحبابه، فإن الفعل مُحْتَمِلٌ لهما، والأكثرون على الاستحباب، وقيل بالوجوب، وسنوضح ذلك:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرحه": أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح، واختلفوا فيما سواها. انتهى.

وتعقّبه وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقال: وفي حكايته الإجماع نظر من وجهين:


(١) "نيل الأوطار" ٣/ ١٠ - ١٢.
(٢) راجع: "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ٣/ ١٤ - ٤٧.