[أحدهما]: أن بعض العلماء يقول بوجوبه، وقد قال النوويّ بعد ذلك بأسطر: أجمعوا أنه لا يجب شيء من الرفع، وحُكِي عن داود إيجابه عند تكبيرة الإحرام، وبهذا قال الإمام أبو الحسن أحمد بن سَيّار السّيّاريّ من أصحابنا أصحاب الوجوه. انتهى.
قال وليّ الدين: وحكاه القاضي حسين من أصحابنا في "تعليقه" عن أحمد بن حنبل، وقال ابن عبد البرّ: كلُّ من رأى الرفع، وعَمِل به من العلماء لا يبطل صلاة مَن لم يرفع إلا الحميديّ، وبعض أصحاب داود، ورواية عن الأوزاعيّ، ثم حَكَى عن الأوزاعيّ أنه ذَكَرَ الرفع في المواطن الثلاثة، فقيل له: فإن نَقَصَ من ذلك؟ قال: ذلك نقص من صلاته، ثم قال ابن عبد البرّ: وقول الحميديّ، ومن تابعه شذوذٌ عن الجمهور، وخطأٌ لا يَلْتَفِت إليه أهل العلم. انتهى.
وحَكَى الطحاويّ إيجابه عند الركوع، والرفع منه، والقيام من السنن عن قوم، واعترضه البيهقيّ، وقال: لا نعلم أحدًا يوجب الرفع، وحَكَى صاحب "المفهم" عن بعضهم وجوب الرفع كلّه، وقال ابن حزم في "المحلى": ورفع اليدين للتكبير من الإحرام في أول الصلاة فرض، لا تجزئ الصلاة إلا به، ثم قال: وقد رُوي ذلك عن الأوزاعيّ، وهو قول بعض من تقدم من أصحابنا. انتهى.
فقد ثبت بذلك وجود الخلاف في وجوب الرفع في تكبيرة الإحرام، بل في وجوب الرفع كله.
[ثانيهما]: أن بعضهم لا يَستَحِبّ الرفع عند تكبيرة الإحرام، وهو رواية عن مالك، حكاها عنه ابن شعبان، وابن خُويز منداد، وابن القصّار، ولهذا حَكَى ابن عبد البرّ الإجماع على جواز الرفع عند تكبيرة الإحرام، وكأنه عَدَل عن حكاية الإجماع على الاستحباب إلى الجواز؛ لهذه القولة، لكنها رواية شاذّةٌ، لا مُعَوَّل عليها. انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن ما ذهب إليه الجمهور من استحباب