للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كبر وفي حديث مالك ابن الحويرث عنده: "كبّر، ثم رفع يديه".

وفي المقارنة، وتقديم الرفع على التكبير خلاف بين العلماء، والمرجح عند الشافعيّة المقارنة، ولم أر من قال بتقديم التكبير على الرفع، ويرجح الأول حديث وائل بن حجر، عند أبي داود بلفظ: "رفع يديه، مع التكبير"، وقضية المعية أنه ينتهي بانتهائه، وهو الذي صححه النووي في "شرح المهذب"، ونقله عن نَصّ الشافعيّ، وهو المرجح عند المالكية، وصحح في "الروضة" تبعًا لأصلها أنه لا حدّ لانتهائه، وقال صاحب "الهداية" من الحنفية: الأصح يرفع، ثم يكبّر؛ لأن الرفع نفي صفة الكبرياء عن غير اللَّه، والتكبير إثبات ذلك له، والنفي سابق على الإثبات، كما في كلمة الشهادة، وهذا مبنيّ على أن الحكمة في الرفع ما ذُكِر. انتهى (١).

وقال ابن قُدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويبتدئ رفع يديه مع ابتداء التكبير، ويكون انتهاؤه مع انقضاء تكبيره، ولا يَسبق أحدهما صاحبه. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: حاصل أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن الجمهور يرون الرفع مقارنًا للتكبير، وهو المرجّح عند المالكيّة، والشافعيّة، والحنبليّة، وهو مذهب الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وذهب بعضهم إلى تقديم الرفع على التكبير، وهو مذهب الحنفيّة، وإليه ذهب الإمام النسائيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، حيث قال في "سننه": "باب رفع اليدين قبل التكبير".

وعندي أن هذا من المخيَّر فيه، فيجوز الرفع مقارنًا للتكبير، وقبله وبعده؛ لصحّة الأحاديث بذلك كلّه، فحديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- من طريق ابن جريج بلفظ: "رفع يديه ثمّ كبّر"، صريحة في المقارنة، وحديث مالك بن الحويرث -رضي اللَّه عنه- الآتي بلفظ: "إذا كبّر، ثم رفع يديه" صريحٌ في تقديم التكبير على الرفع، وحديث وائل بن حجر -رضي اللَّه عنه- عند أبي داود بلفظ: "رفع يديه مع التكبير" صريحٌ في المقارنة.

وهذا الذي اخترته من حمل أحاديث الباب على التخيير والإباحة هو


(١) "الفتح" ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) "المغني" ٢/ ١٣٨.