للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحين تريد أن ترفع، وقال عقبة بن عامر: له بكل إشارة عشر حسنات، بكل أصبع حسنة (١)، ورَوَى البيهقيّ في "سننه" عن الربيع بن سليمان، قال: قلت للشافعيّ: ما معنى رفع اليدين عند الركوع؟ فقال: مثل معنى رفعهما عند الافتتاح، تعظيم اللَّه، وسنةٌ متبعةٌ، يرجى فيها ثواب اللَّه عزَّ وجلَّ، ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أقربها ما قاله الإمام الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، نفعله إعظامًا للَّه تعالى، واتباعًا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في كيفيّة رفع اليدين:

قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واختلفوا في ذلك، فأَخَذ بحديث ابن عمر الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وقال بحديث وائل ناس من أهل العلم، وقال بعض أصحاب الحديث: المصلي بالخيار، إن شاء رفع يديه إلى المنكبين، وإن شاء إلى الأذنين، قال ابن المنذر: وهذا مذهب حسنٌ، وأنا إلى حديث ابن عمر أميل. انتهى.

وأخذ بحديث وائل في ذلك سفيان الثوريّ، والحنفية، وقال البيهقيّ: فاذا اختلفت هذه الروايات، فإما أن يؤخذ بالجميع، فيخيَّر بينهما، وإما أن تترك رواية مَن اختَلَفت الرواةُ عليه، ويؤخذ برواية من لم يُختَلف عليه، يعني رواية الرفع إلى المنكبين، قال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لأنها أثبت إسنادًا، وأنها حديثُ عددٍ، والعدد أولى بالحفظ من واحد. انتهى.

وقال ابن عبد البر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَفت الآثار عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في كيفية رفع اليدين في الصلاة، فرُوي عنه أنه كان يرفع يديه ما فوق أذنيه مع رأسه، ورُوي عنه أنه كان يرفع يديه حذو أذنيه، وروي عنه أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه، وروي عنه أنه كان يرفعهما إلى صدره، وكلها آثار معروفة مشهورة، وأثبت ما


(١) قال الشوكانيّ: وهذا له حكم الرفع؛ لأنه مما لا مجال للاجتهاد فيه. انتهى.
قال الجامع: لكن هذا يحتاج ثبوت نقله، فإنه لم يُذكر بسنده حتى نعلم صحته، واللَّه تعالى أعلم.