للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكيف حَمَلَ سائر الأخبار على خبره، وليس فيه ما حملها عليه؟. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن اختلاف الآثار في هذا الباب يُحْمَل على التوسيع والتخيير، فالمصلّي مُخيَّرٌ في الرفع إلى المنكبين في بعض الأحيان، وحِيَال الأذنين في بعضها، لكن الرفع إلى المنكبين يكون أكثر؛ لكونه أقوى، ولأن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عبّر بـ "كان" المقتضية للاستمرار، فيدلّ على أن أكثر أحوال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان الرفعَ إلى المنكبين، فالكلّ واسعٌ حسنٌ، كما تقدّم عن الحافظ ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فتبصّر بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم يَرِد ما يدلّ على التفرقة في الرفع بين الرجل والمرأة، وعن الحنفيّة يرفع الرجل إلى الأذنين، والمرأة إلى المنكبين؛ لأنه أستر لها. انتهى (٢).

وقال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال أصحابنا الشافعية: لا فرق في منتهى الرفع بين الرجل والمرأة، وقال الحنفية: يرفع الرجل إلى الأذنين، والمرأة إلى المنكبين؛ لأنه أستر لها، ورَوَى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن أم الدرداء أنها كانت ترفع يديها حذو منكبيها، وعن الزهريّ: ترفع المرأة يديها حذو منكبيها، وعن عطاء بن أبي رباح، وحماد بن أبي سليمان، أنهما قالا: ترفع المرأة يديها في الصلاة حذو ثدييها، وعن حفصة بنت سيرين، أنها رفعت يديها في الصلاة حذو ثدييها، وقال عطاء بن أبي رباح: إن للمرأة هيئة ليست للرجال، وإن تركت ذلك فلا حرج. انتهى (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: كون المرأة تخالف الرجل في صفة الرفع في الصلاة مما لا دليل عليه، فالراجح ما ذهب إليه الشافعيّة من عدم الفرق بينهما في ذلك.

والحاصل أن المرأة ترفع كما يرفع الرجل؛ لأن النصوص الواردة في ذلك عامّة لهما، حتى يأتي نصّ يفرّق بينهما، ولم نجده؛ فتبصّر بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) راجع: "طرح التثريب" ٢/ ٢٥٨ - ٢٥٩.
(٢) "الفتح" ٢/ ٤٦١.
(٣) "طرح التثريب" ٢/ ٢٥٩ - ٢٦٠.