للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة العاشرة): قال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ذكر الإمام أحمد بن حنبل، عن شيخه سفيان بن عيينة، أن أكثر ما كان يقول في هذا الحديث: "وبعدما يرفع رأسه من الركوع"، وأنه قال مرة: "وإذا رفع رأسه من الركوع"، والذي رواه غير الإمام أحمد، عن ابن عيينة: "وإذا رفع رأسه من الركوع"، كذلك رواه مسلم في "صحيحه" عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وعَمْرو الناقد، وزهير بن حرب، ومحمد بن عبد اللَّه بن نُمير، ورواه الترمذيّ عن قتيبة، وابن أبي عمر، والفضل بن الصَّبّاح البغدادي، ورواه النسائيّ عن قتيبة، ورواه ابن ماجه عن عليّ بن محمد، وهشام بن عمار، وأبي عمر حفص بن عمر الضرير المقرئ، كلهم، وهم اثنا عشر، عن ابن عيينة، بلفظ: "وإذا رفع رأسه من الركوع"، ورواه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم، عن ابن عيينة، بلفظ: "وبعد الركوع"، ومعنى الرواية المشهورة: وإذا أراد الرفع، أو إذا شرع فيه، وبهذا قال الشافعيّة، فذكروا أن ابتداء رفع اليدين يكون مع ابتداء رفع الرأس، ويدل له قوله في رواية لأبي داود: "ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما، حتى يكونا حذو منكبيه"، فهي دالّة على أن قوله: "رفع" معناه: أراد الرفع، ويمكن أن تُرَدّ إليها رواية أحمد الأخرى بأن يكون معنى قوله: "وبعدما يرفع رأسه من الركوع": بعدما يَشْرَع في رفع رأسه، فتتفق الروايات كلها، على أن رفع اليدين مقارن لرفع الرأس من الركوع. انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الحادية عشرة): قوله: "ولا يرفعهما بين السجدتين"، وفي رواية ابن جريج: "ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود"، ولفظ البخاريّ: "ولا يفعل ذلك في السجود".

قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهو أعم؛ لتناوله النزول للسجدة الأولى، ورفع الرأس من السجدة الثانية، وكذا قوله في لفظ آخر: "ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود"، قال: وَوَهَّم بعضهم راوي اللفظ الأول، وهو قوله: "بين السجدتين"، وصَوَّب بقية الألفاظ؛ لعمومها.

وقال الدارقطنيّ في "غرائب مالك": إن قول بُنْدَار: "بين السجدتين" وَهَم، وقول ابن سنان: "في السجود" أصحّ.