ويعارض هذه الألفاظ قوله في رواية للطبرانيّ من حديث ابن عمر أيضًا:"كان يرفع يديه إذا كبر، وإذا رفع، وإذا سجد"، وفي "سنن ابن ماجه" من حديث أبي هريرة: "وحين يركع، وحين يسجد"، ولأبي داود:"وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك"، وله من حديث وائل:"وإذا رفع رأسه من السجود"، وللنسائيّ من حديث مالك بن الحويرث:"وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من سجوده"، ولأحمد من حديث وائل:"كلما كبر، ورفع، ووضع، وبين السجدتين"، ولابن ماجه من حديث عُمير بن حبيب:"مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة"، وللطحاويّ من حديث ابن عمر:"كان يرفع يديه في كل خفض، ورفع، وركوع، وسجود، وقيام وقعود، وبين السجدتين".
وذكر الطحاويّ أن هذه الرواية شاذّةٌ، وصححها ابن القطان، والدارقطنيّ في "العلل" من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "يرفع يديه في كل خفض ورفع"، وقال: الصحيح "يكبر"، وصحح ابن حزم، وابن القطان حديث الرفع في كل خفض ورفع، وأعله الجمهور، وقد ذكر والدي -رَحِمَهُ اللَّهُ- هذه الروايات كلها في الأصل في النسخة الكبرى.
فتمسَّك الأئمة الأربعة بالروايات التي فيها نفي الرفع في السجود؛ لكونها أصحّ، وضعفوا ما عارضها كما تقدم، وهو قول جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأخذ آخرون بالأحاديث التي فيها الرفع في كل خفض ورفع، وصححوها، وقالوا: هي مثبتةٌ، فهي مقدمة على النفي، وبه قال ابن حزم الظاهريّ، وقال: إن أحاديث رفع اليدين في كل خفض ورفع متواترة، توجب يقين العلم، ونَقَلَ هذا المذهب عن ابن عمر، وابن عباس، والحسن البصريّ، وطاوس، وابنه عبد اللَّه، ونافع مولى ابن عمر، وأيوب السختيانيّ، وعطاء بن أبي رباح، وقال به ابن المنذر، وأبو علي الطبريّ من الشافعيّة، وهو قول عن مالك، والشافعيّ، فَحَكَى ابنُ خُوَيز منداد عن مالك روايةَ أنه يرفع في كل خفض ورفع، وفي أواخر البويطيّ: يرفع يديه في كل خفض ورفع، ورَوَى ابن أبي شيبة الرفع بين السجدتين عن أنس، والحسن، وابن سيرين. انتهى كلام