للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن يعقوب به، وأخرج له ابن حبان أيضًا شاهدًا من حديث أبي هريرة، بهذا اللفظ.

وقد قال بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة الحنفيةُ، لكن بَنَوا على قاعدتهم أنها مع الوجوب ليست شرطًا في صحة الصلاة؛ لأن وجوبها إنما ثبت بالسنة، والذي لا تتم الصلاة إلَّا به فرض، والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد على القرآن، وقد قال تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، فالفرض قراءة ما تيسر، وتعيين الفاتحة إنما ثبت بالحديث، فيكون واجبًا يأثم من يتركه، وتجزئ الصلاة بدونه.

قال الحافظ: وإذا تقرر ذلك لا ينقضي عجبي، ممن يتعمد ترك قراءة الفاتحة منهم، وترك الطمأنينة، فيصلي صلاةً يريد أن يتقرب بها إلى اللَّه تعالى، وهو يتعمد ارتكاب الإثم فيها؛ مبالغةً في تحقيق مخالفته لمذهب غيره. انتهى (١).

قال الجامح عفا اللَّه عنه: وأنا لا ينقضي عجبي من كثير ممن ينتسب إلى المذهب الحنفيّ في ترك الطمأنينة، والاستعجال في الصلاة، فكأن الإمام أبا حنيفة أمرهم بهذا الاستعجال، وعدم الطمأنينة في الصلاة، والمعروف أن الخلاف بين أبي حنيفة وغيره في فرضيّة الطمأنينة، وسنيّتها، لا في أصل مشروعيّتها، فأبو حنيفة كسائر الأئمة يقول بمشروعيّة الاطمئنان، وإنما يخالف غيره في عدم بطلان الصلاة بتركه، فكأن عوام الحنفيّة فهموا من مذهبه أنه قائل باستحباب الاستعجال، وهذا هو واقع لسان حالهم، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.


= القاسم، وإنما أخرجه من طريق عبد إللَّه بن أبي عتيق، وإنما القاسم له قصّة في الحديث، وسيأتي هذا في محلّه -إن شاء اللَّه تعالى-.
(١) "الفتح" ٢/ ٢٨٢ - ٢٨٣.