وعن عبادة -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"لا تجزئ صلاة لا يَقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب"، رواه الدارقطنيّ. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: خلاصة القول في هذه المسألة -مسألةِ فرضيّة قراءة الفاتحة على كل مصلٍّ، وعدم إجزاء غيرها عنها- أن الحقّ هو ما ذهب إليه الجمهور، من فرضيّتها، وعدم إجزاء غيرها عنها؛ لكون أدلّتهم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ومن خالفهم ما أتى بدليل له نَفَاقٌ في سوق المناظرة، بل أتوا بما هو أوهن من بيت العنكبوت، حيث ردُّوا الأحاديث الصحيحة بمجمل آية:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} التي بيانها إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي قال اللَّه تعالى له:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، وقد بيّنها بأنها الفاتحة، حيث قال:"لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب"، متّفقٌ عليه، وقال أيضًا:"لا تُجزئ صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، رواه ابن خزيمة، وابن حبّان في "صحيحيهما".
قال الحافظ أبو حاتم بن حبّان البُسْتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" ما حاصله: إن خطاب الكتاب قد يستقلّ بنفسه في حالة دون حالة حتى يُستَعمل على عموم ما ورد الخطاب فيه، وقد لا يستقلّ في بعض الأحوال حتى يُستَعمل على كيفيّة اللفظ المجمل الذي هو مطلق الخطاب في الكتاب، دون أن تُبيّنها السنن، وسنن المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- كلها مستقلّة بنفسها، لا حاجة بها إلى الكتاب، المبيِّنةُ لمجمل الكتاب، والمفسِّرةُ لِمُبهمه، قال اللَّه تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، فأخبر جلّ وعلا أن المفسِّر لقوله:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣]، وما أشبهها من مجمل الألفاظ في الكتاب رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومُحالٌ أن يكون الشيء المفسِّر له الحاجة إلى الشيء المجمل، وإنما الحاجة تكون للمجمل إلى المفسِّر، ضدَّ قول من زعم أن السنن يجب عَرْضُها على الكتاب، فأتى بما لا يوافقه الخبر، ويَدفَع صحّته النظر. انتهى كلام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.
وأيضًا ردّوها بالروايات الضعيفة، كحديث: "من كان له إمام فقراءة