للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في معنى قوله: "فصاعدًا"، وإعرابها:

فأما معناها: فزائدًا على الفاتحة؛ يعني أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن، فما زاد عليها، على حدّ قولهم: اشتريته بدرهم، فصاعدًا.

وأما إعرابها، فهي منصوبة على الحال، وهي من الأحوال التي يجب حذف عاملها وصاحبها، وهي كل حال تُفهِم ازديادًا، أو نَقصًا بتدريج، ويجب اقترانها بالفاء، أو بـ "ثُمَّ"، كقولهم: اشتريته بدرهم فصاعدًا، وتصدّقتُ بدينار فسافلًا، فـ "صاعدًا" و"سافلًا" حالان، عاملهما وصاحبهما محذوفان وجوبًا، والتقدير: فذهب الثمن صاعدًا، وذهب المتصدَّق به سافلًا، هكذا حقّقه شُرَّاح "الخلاصة" عند قولها:

وَالْحَالُ قَدْ يُحْذَفُ مَا فِيها عَمِلْ … وَبَعْضُ مَا يُحْذَفُ ذِكْرُهُ حُظِلْ

وقال سيبويه: وقالوا: أخذته بدرهم فصاعدًا حذفوا الفعل؛ لكثرة استعمالهم إياه، ولأنهم أَمِنُوا أن يكونا على الباء؛ لأنك لو قلت: أخذته بصاعد كان قبيحًا؛ لأنه صفة، لا يكون في موضع الاسم، كأنه قال: أخذته بدرهم، فزاد الثمن صاعدًا، أو فذهب صاعدًا، ولا يجوز أن تقول: وصاعدًا؛ لأنك لا تريد أن تخبر أن الدرهم مع صاعد ثمن لشيء، كقولك: بدرهم وزيادة، ولكنك أخبرت بأدنى الثمن، فجعلته أَوّلًا، ثم قرّرت شيئًا بعد شيء؛ لأثمان شَتّي، قال: ولم يُرَد فيها هذا المعني، ولم يُلْزِمِ الواوُ الشيئين أن يكون أحدهما بعد الآخر، و"صاعد" بدل من زاد ويزيد، و"ثُمّ" مثل الفاء، إلَّا أن الفاء أكتر في كلامهم.

وقال ابن جني: "وصاعدًا" حال مؤكّدة، ألا ترى أن ترى أن تقديره: فزاد الثمن صاعدًا، ومعلوم أنه إذا زاد الثمن لم يكن إلَّا صاعدًا. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم قراءة ما زاد على الفاتحة:

قال في "الفتح": واستُدِلّ بقوله: "فصاعدًا" على وجوب قدر زائد على الفاتحة.


(١) راجع: "لسان العرب" ٣/ ٢٥٣ - ٢٥٤.