٢٣ - (ومنها): أن فيه الردّ على من زعم عدم وجوب الطمأنينة؛ لأنه زيادة على النصّ؛ لأن المأمور به في القرآن مطلق السجود، فيصدُق بغير طمأنينة، فالطمأنينة زيادة، والزيادة على المتواتر بالآحاد لا تُعتبر.
ورُدّ عليه بأنها ليست زيادةً، ولكنها بيان للمراد بالسجود المأمور به شرعًا، وأنه مخالف للسجود اللغويّ؛ إذ هو مجرّد وضع الجبهة، فبيّنت السنّة أن السجود الشرعيّ ما كان بالطمأنينة، ويؤيّد ذلك أن الآية نزلت تأكيدًا لوجوب السجود، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن معه يصلّون قبل ذلك، ولم يكن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلّي بغير طمأنينة (١).
٢٤ - (ومنها): أنه قيل: يُستَدَلّ بهذا الحديث على عدم وجوب الإقامة، ودعاء الافتتاح، ورفع اليدين في الإحرام وغيره، ووضع اليمنى على اليسرى، وتكبيرات الانتقال، وتسبيحات الركوع والسجود، وهيئات الجلوس، ووضع اليد على الفخذ، والقعود، ونحو ذلك.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهو في مَعْرِض المنع؛ لثبوت بعض ما ذُكِر في بعض الطرُق. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تقدّم أن الراجح وجوب الأذان والإقامة؛ وكذا تكبيرات الانتقالات؛ لوضوح أدلّتها، وسيأتي حكم باقي المسائل في أماكنها اللائقة بها -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في وجوب الطمأنينة في الصلاة:
ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب الطمأنينة في الصلاة، واشتهر عن الحنفية أن الطمأنينة سنة، وصَرّح بذلك كثير من مصنفيهم، لكن كلام الطحاويّ كالصريح في الوجوب عندهم، فإنه ترجم "مقدار الركوع والسجود"، ثم ذكر الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره في قوله:"سبحان ربي العظيم ثلاثًا في الركوع، وذلك أدناه"، قال: فذهب قوم إلى أن هذا مقدار الركوع والسجود،