المخالجة والمنازعة، وهذا الإنكار محمول على ما سوى الفاتحة، كما هو الظاهر من الحديث؛ إذ محل الإنكار قراءة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، لا الفاتحة، وأيضًا صرّح النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- باستثنائها، فقد أخرج أحمد، والترمذيّ عن عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- قال: صلّى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الغداة، فثقُلت عليه القراءة، فلما انصرف قال:"إني لأراكم تقرءون وراء إمامكم؟ " قالوا: نعم واللَّه يا رسول اللَّه، إنا لنفعل هذا، قال:"فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، وهذا حديث صحيح، وقد تقدّم تمام البحث فيه في الكلام على قراءة الفاتحة، فراجعه تستفد.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى هذا الكلام الإنكار عليه، والإنكار في جهره، أو رفع صوته، بحيث أسمع غيره، لا عن أصل القراءة، بل فيه أنهم كانوا يقرؤون بالسورة في الصلاة السريّة، وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم، وهذا الحكم عندنا، ولنا وجه شاذّ ضعيفٌ أنه لا يقرأ المأموم السورة في السريّة كما لا يقرؤها في الجهرية، وهذا غلطٌ؛ لأنه في الجهرية يؤمر بالإنصات، وهنا لا يسمع، فلا معنى لسكوته من غير استماع، ولو كان في الجهرية بعيدًا عن الإمام، لا يسمع قراءته، فالأصح أنه يقرأ السورة؛ لما ذكرناه. انتهى، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عمران بن حُصين -رضي اللَّه عنهما- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٢/ ٨٩٢ و ٨٩٣ و ٨٩٤](٣٩٨)، و (البخاريّ) في "جزء القراءة"(ص ٩١ - ٩٢)، و (أبو داود) في "الصلاة"(٨٢٨ و ٨٢٩)، و (النسائيّ) فيها (٢/ ١٤٠ و ٣/ ٢٤٧)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(١/ ٣٥٧ و ٣٧٥)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٢٧٩٩)، و (أبو داود الطيالسيّ) في "مسنده"(٨٥١)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٨٣٥)، و (أحمد) في "مسنده" (٤/