للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مبلغ علمه في الحديث، كيف يكون حالهم في هذا الباب؟ أو يرويها مَن جمع هذا الباب، كالدارقطنيّ، والخطيب، وغيرهما، فإنهم جَمَعُوا ما رُوي، وإذا سئلوا عن صحتها، قالوا بموجب علمهم، كما قال الدارقطنيّ لما دخل مصر، وسئل أن يجمع أحاديث الجهر بها، فجمعها، فقيل له: هل فيها شيء صحيحٌ؟ فقال: أما عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا، وأما عن الصحابة فمنه صحيح، ومنه ضعيف.

وسئل أبو بكر الخطيب عن مثل ذلك، فذكر حديثين: حديث معاوية لَمّا صلى بالمدينة، وقد رواه الشافعي -رَحِمَهُ اللَّهُ- قال: حدثنا عبد المجيد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد اللَّه بن عثمان بن خُثيم، أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره، أن أنس بن مالك قال: صلى معاوية بالمدينة، فجهر فيها بأم القرآن، فقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها، ولم يكبّر حين يهوي حتى قضى تلك الصلاة، فلما سلّم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين، من كل مكان: يا معاوية، أسرقت الصلاة، أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} للسورة التي بعد أم القرآن، وكبّر حين يهوي ساجدًا.

وقال الشافعي: أنبأنا إبراهيم بن محمد، قال: حدثني ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، أن معاوية قدم المدينة، فصلى بهم، ولم يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ولم يكبر إذا خفض، وإذا رفع، فناداه المهاجرون حين سلّم، والأنصار: أي معاوية، سرقت الصلاة. . . وذكره.

وقال الشافعيّ: أنبأنا يحيى بن سُليم، عن عبد اللَّه بن عثمان بن خُثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جدّه، عن معاوية، والمهاجرين والأنصار بمثله، أو مثل معناه، لا يخالفه، وأحسب هذا الإسناد أحفظ من الإسناد الأول، وهو في كتاب إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جدّه، عن معاوية، وذكر الخطيب أنه أقوى ما يُحتجّ به، وليس بحجة كما يأتي بيانه.

فإذا كان أهل المعرفة بالحديث متفقين على أنه ليس في الجهر حديث صحيح، ولا صريح فضلًا أن يكون فيها أخبار مستفيضة، أو متواترة امتنع أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجهر بها، كما يمتنع أن يكون كان يجهر بالاستفتاح والتعوذ، ثم لا يُنْقَل.