"فإذا قال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال: ذكرني عبدي"، ولهذا اتَّفق أهل العلم على كذب هذه الزيادة، وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر؛ لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث لَبَّسوا بها على الناس دينهم.
ولهذا يوجد في كلام أئمة السنة من الكوفيين؛ كسفيان الثوريّ أنهم يذكرون من السنة المسح على الخفين، وترك الجهر بالبسملة، كما يذكرون تقديم أبي بكر وعمر، ونحو ذلك؛ لأن هذا كان من شعار الرافضة.
ولهذا ذهب أبو عليّ بن أبي هريرة، أحد الأئمة من أصحاب الشافعيّ إلى ترك الجهر بها، قال: لأن الجهر بها صار من شعار المخالفين، كما ذهب من ذهب من أصحاب الشافعيّ إلى تسنمة القبور؛ لأن التسطيح صار من شعار أهل البدع، فحديث أبي هريرة دليل على أنها ليست من القراءة الواجبة، ولا من القراءة المقسومة، وهو على نفي القراءة مطلقًا أظهر من دلالة حديث نعيم المجمر على الجهر، فإن في حديث نعيم المجمر أنه قرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثم قرأ أم القرآن، وهذا دليل على أنها ليست من القرآن عندهم، وحديث أبي هريرة الذي في مسلم يُصَدِّق ذلك، فإنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلى صلاةً، لم يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج، فهي خداج"، فقال له رجل: يا أبا هريرة، أنا أحيانا أكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسيّ، فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"قال اللَّه -تعالى-: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. . ." الحديث.
وهذا صريح في أن أمّ القرآن التي يجب قراءتها في الصلاة عند أبي هريرة هي القراءة المقسومة التي ذكرها، مع دلالة قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك، وذلك ينفي وجوب قراءتها عند أبي هريرة، فيكون أبو هريرة، وإن كان قرأ بها قرأ بها استحبابًا لا وجوبًا، والجهر بها مع كونها ليست من الفاتحة، قولٌ لم يقل به أحد من الأئمة الأربعة، وغيرهم من الأئمة المشهورين، ولا أعلم به قائلًا، لكن هي من الفاتحة، وإيجاب قراءتها مع المخافتة بها قول طائفة من أهل الحديث، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وإذا كان أبو هريرة إنما قرأها استحبابًا لا وجوبًا، وعلى هذا القول لا تشرع المداومة على الجهر بها، كان