للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحيانًا لمثل تعليم المأمومين، ويسوغ للمصلين أن يجهروا بالكلمات اليسيرة أحيانًا، ويسوغ أيضًا أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب، واجتماع الكلمة؛ خوفًا من التنفير عما يصلُح، كما ترك النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بناءَ البيت على قواعد إبراهيم -عليه السلام-؛ لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وخَشِي تنفيرهم بذلك، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم -عليه السلام-، وقال ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- لَمّا أكمل الصلاة خلف عثمان، وأَنكر عليه الربيع، فقال له في ذلك، فقال: الخلاف شرّ، ولهذا نصّ الأئمة؛ كأحمد وغيره على ذلك في البسملة، وفي وصل الوتر، وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول؛ مُراعاةً ائتلاف المأمومين، أو لتعريفهم السنة، وأمثال ذلك، واللَّه أعلم. انتهى كلام شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي حقّقه شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللَّهُ- تحقيق نفيسٌ، وبحثٌ أنيس.

وحاصله ترجيح كون البسملة آيةً من القرآن، أُنزلت للفصل بين السُّوَرِ، وتكرّرت بعددها، وليست آيةً من الفاتحة، ولا من غيرها، وأنها يقرأ بها في الصلاة، وأن الأفضل الإسرار بها، ومع ذلك يجوز في بعض الأحيان الجهر بها، كتعريف الناس بسنّيّتها، أو لنحو ذلك، كقصد ائتلافهم، وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة في هذا الباب، فتمسّك به، فإنه منهج سليم، ورأي قويم، واللَّه تعالى الهادي إلى الصراط المستقيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٨٩٦] (. . .) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ (٢)، وَزَادَ: قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، نَحْنُ سَأَلْنَاهُ عَنْهُ).


(١) "الفتاوى الكبرى" ١/ ٨٨ - ١٠٤.
(٢) وفي نسخة: "بهذا الإسناد".