للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(السَّلَامُ عَلَيْكَ) قال النوويّ: يجوز في "السلام" في الموضعين حذف اللام وإثباتها، والإثبات أفضل.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ظاهره أنه في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، وفيه نظر لا يخفى؛ لأنه لم يقع في شيء من طرق حديث ابن مسعود بحذف اللام، فإن كان مراده من الجواز من جهة العربية فله وجه، وإن كان من جهة مراعاة لفظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا وجه له، نعم اختُلِف في حديث ابن عباس، وهو من أفراد مسلم.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أصل "سلامٌ عليك": سَلَّمتُ سلامًا عليك، ثم حُذف الفعل، وأقيم المصدر مقامه، وعُدِل عن النصب إلى الرفع للابتداء؛ للدلالة على ثبوت المعنى واستقراره.

وقال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: السلام بمعنى السلامة، كالْمَقَام والْمَقامة، والسلام اسم من أسماء اللَّه تعالى وُضِع المصدر موضع الاسم مبالغةً، ومعناه أنه سالم من كل عيب وآفة ونقص وفناء، ومعنى قولنا: "سلامٌ عليك" الدعاءُ، أي سَلِمتَ من المكاره، وقيل: معناه: اسم السلام عليك، كأنه يتبرك عليه باسم اللَّه عز وجل، والأمثل الدعاء، يدلّ عليه التنكير في قولنا: سلامٌ عليك؛ إذ ليس معناه إلا الدعاء، وعليه ورد التنزيل، قال اللَّه تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)} [مريم: ١٥]، ومنه التسليم على الأموات.

قال: ووجه النهي عن السلام على اللَّه تعالى؛ لأن اللَّه عز وجل هو المرجوع إليه بالمسائل المتوسَّلُ إليه بالدعاء المتعالي عن المعاني التي ذكرناها في التسليم، فأنَّى يُدْعَى له، وهو المدعوّ على الحالات؟ ولأيّ معنى يُطلق عليه ما يستدعيه حاجة المفطورين، وتقتضيه نقائص المربوبين؟.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تمام تقريره: أن تسمية اللَّه تعالى بالسلام لِمَا أنه منزَّهٌ مقدَّسٌ عن النقائص والعيوب أن لا يَحُلّ بجنابه الأقدس شائبة خوف، وهذا المعنى مختصّ به؛ لِمَا ورد "أنت السلام"، أي أنت المختصّ به، لا غيرك؛ لتعريف الخبر، و"منك السلام" معناه أن غيرك في معرض النقصان بالخوف، مفتقرٌ إلى جنابك بأن تؤمّنه، ولا ملاذ له غيرك، فدلّ على التخصيص تقديمُ الخبر على المبتدأ، "وإليك يعود السلام" يعني إذا شُوهد في الظاهر أن أحدًا