للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": وقال النسفيّ: يعني السلام الذي سلّم اللَّه عليك ليلة المعراج، فعلى هذا تكون الألف واللام فيه للعهد.

[تنبيه مهمّ]: قد ورد في بعض طُرُق حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- هذا ما يقتضي المغايرة بين زمانه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيقال بلفظ الخطاب، وأما بعده فيقال بلفظ الغيبة، ففي "كتاب الاستئذان" من "صحيح البخاريّ" من طريق أبي معمر، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- بعد أن ساق حديث التشهد، قال: وهو بين ظهرانينا، فلما قُبِض قلنا: السلام -يعني على النبي-، كذا وقع في البخاريّ، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، والسَّرّاج، والْجَوْزقيّ، وأبو نعيم الأصبهانيّ، والبيهقيّ، من طرق متعددة إلى أبي نعيم، شيخ البخاريّ فيه، بلفظ: "فلما قُبض قلنا: السلام على النبيّ" بحذف لفظ "يعني"، وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن أبي نعيم.

قال السبكيّ في "شرح المنهاج" بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده: إن صحّ هذا عن الصحابة دلّ على أن الخطاب في السلام بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- غير واجب، فيقال: "السلام على النبي".

قال الحافظ: قد صحّ بلا ريب، وقد وجدت له متابعًا قويًّا، قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، أخبرني عطاء، أن الصحابة كانوا يقولون والنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حيٌّ: "السلام عليك أيها النبيّ"، فلما مات قالوا: "السلام على النبي"، وهذا إسناد صحيح.

وأما ما رَوَى سعيد بن منصور، من طريق أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود، عن أبيه، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- علمهم التشهد. . . فذكره، قال: فقال ابن عباس: إنما كنا نقول: "السلام عليك أيها النبي" إذ كان حيًّا، فقال ابن مسعود: هكذا عُلِّمنا، وهكذا نُعَلِّم، فظاهر أن ابن عباس قاله بحثًا، وأن ابن مسعود لم يرجع إليه، لكن رواية أبي معمر أصحّ؛ لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والإسناد إليه مع ذلك ضعيف. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- من أنهم كانوا


(١) "الفتح" ٢/ ٣٦٦.