للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(أَيُّهَا النَّبِيُّ) قال ابن الملقّن -رَحِمَهُ اللَّهُ-: بالهمز وتركه، والأصل يا أيها النبيّ، فحُذف حرف النداء، وهو لا يُحذف إلا في أربعة مواضع:

١ - العلم: نحو قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: ٢٩].

٢ - المضاف: نحو قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

٣ - ومن نحو قولهم: من لا يزال محسنًا أَحْسِنْ.

٤ - و"أيُّ" نحو "أيها النبيّ"، و"أيها الناس"، وما أشبه ذلك. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا ضبط ابن الملقّن مواضع حذف النداء بأربعة مواضع المذكورة، ولم أره لغيره، والمشهور في كتب النحاة هو الضابط الذي ذكره ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة" بقوله:

وَغَيْرُ مَنْدُوبٍ وَمُضْمَرٍ وَمَا … جَا مُسْتَغَاثًا قَدْ يُعَرَّى فَاعْلَمَا

وَذَاكَ فِي اسْمِ الْجِنْسِ وَالْمُشَارِ لَهْ … قَلَّ وَمَنْ يَمْنَعْهُ فَانْصُرْ عَاذِلَهْ

فذكر مما يمتنع حرف النداء فيه المندوب، نحو: وا زيداه، والمضمر، نحو: يا إياك قد كفيتك، والمستغاث، نحو: يا لَزيد، وزاد غيره عليه لفظ الجلالة؛ لئلا تفوت الدلالة على النداء؛ لكونه بـ "أل"، والمنادى البعيد؛ لاحتياجه لمدّ الصوت المنافي للحذف، والمتعجّب منه؛ لأنه كالمستغاث لفظًا وحكمًا، كـ: يا للماء والْعُشْب؛ تعجّبًا من كثرتهما، فصارت الجملة سبعة، واختُلف في اسم الإشارة، واسم الجنس، كما أشار إليه في البيت الثاني، وتمام البحث في شروح "الخلاصة"، وحواشيها، فارجع إليه (١)، واللَّه تعالى أعلم.

[فإن قلت]: لِمَ لم يقل: أيها الرسول؟.

[أجيب]: بأنه أثبت له الرسالة بعدُ في آخر التشهد، فقصد الجمع بين الصفتين، وإن كانت الرسالة تلازم النبوّة، لكن التصريح بها أبلغ في الكمال، وقدّم ذكر النبوّة على الرسالة؛ لوجودها كذلك في الخارج؛ لنزول قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] قبل قوله: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} [المدثر: ١ - ٢].


(١) راجع: "حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على الخلاصة" ٢/ ١١٣ - ١١٤.