للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ} الآية [الأنبياء: ٥٠]؛ تنبيهًا على ما يَفِيض منه من الخيرات الإلهية، ولما كان الخير الإلهيّ يَصْدُر من حيث لا يُحَسُّ، وعلى وجه لا يُحْصَى، قيل لكل ما يُشاهَد فيه زيادةٌ غير محسوسة: هو مبارَك، أو فيه بركةٌ. انتهى (١).

(السَّلَامُ عَلَيْنَا) جملة من مبتدأ وخبر، مستأنفةٌ، أريد بها إنشاء الدعاء، وأراد بالضمير الحاضرين من الإمام والمأمومين، والملائكة عليهم الصلاة والسلام.

(وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) عطف على الجارّ والمجرور قبله، والصالح هو القائم بما عليه من حقوق اللَّه تعالى، وحقوق العباد، والصلاحُ: هو استقامةُ الشيء على حالة كماله، كما أن الفساد ضدُّه، ولا يَحصُل الصلاح الحقيقيّ إلا في الآخرة؛ لأن الأحوال العاجلة، وإن وُصِفت بالصلاح في بعض الأوقات، لكن لا تخلو من شائبة فساد وخلل، ولا يصفو ذلك إلا في الآخرة خُصُوصًا لزمرة الأنبياء؛ لأن الاستقامة التامّة لا تكون إلا لمن فاز بالْقَدَح الْمُعَلَّى، ونال المقام الأسنى، ومن ثَمّ كانت هذه المرتبة مطلوبةَ الأنبياءِ والمرسلين، قال اللَّه تعالى في حق الخليل عليه السلام: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة: ١٣٠]، وحَكَى عن يوسف عليه السلام أنه دعا بقوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١] (٢).

(فَإِذَا قَالَهَا) وفي لفظ للبخاريّ: "فإنكم إذا قلتموها"، أي إذا قلتم: "وعلى عباد اللَّه الصالحين".

قال في "العمدة": قوله: "فإنكم إذا قلتموها" إلى قوله: "والأرض" جملة معترضة بين قوله: "وعلى عباد اللَّه الصالحين"، وبين قوله: "أشهد أن لا إله إلا اللَّه"، والضمير المنصوب في "قلتموها" يرجع إلى قوله: "وعلى عباد اللَّه الصالحين"، وفائدة هذه الجملة المعترضة الاهتمامُ بها؛ لكونه أنكر عليهم عَدّ الملائكة واحدًا واحدًا، ولا يمكق استيعابهم لهم مع ذلك، فعَلَّمهم لفظًا يَشْمَل


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ١٠٣٥.
(٢) "الكاشف" ٣/ ١٠٣٥ - ٢٠٣٦.