للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجميع مع غير الملائكة من النبيين والمرسلين والصديقين وغيرهم، بغير مشقَّة، وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد وردت هذه الجملة في بعض الطُّرُق في آخر الكلام بعد سياق التشهد متواليًا، والظاهر أنه من تصرف الرواة، واللَّه أعلم. انتهى (١).

(أَصَابَتْ) أي الدعوة (كُلَّ عَبْدٍ للَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) وفي رواية للبخاريّ عن مُسَدَّد، عن يحيى: "أو بين السماء والأرض"، والشك فيه من مسدد، وفي رواية الإسماعيليّ بلفظ: "من أهل السماء والأرض".

قال الترمذيّ الحكيم: من نظر أن يَحْظى بهذا السلام الذي يُسلّمه الخلق في الصلاة، فليكن عبدًا صالحًا، وإلا حُرِم هذا الفضل العظيم. انتهى.

وقال الفاكهانيّ: ينبغي للمصلّي أن يستحضر في هذا المحلّ جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين، يعني ليتوافق لفظه مع قصده. انتهى (٢).

وقال القفّال الشاشيّ: ترك الصلاة يضرّ بجميع المسلمين؛ لأن المصلّي يقول: اللَّهمّ اغفر لجميع المؤمنين والمؤمنات، ولا بدّ من قوله في التشهّد: "السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين"، فيكون مقصّرًا في خدمة الخالق، وفي حقّ رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بترك الصلاة عليه، وفي حقّ نفسه بترك مسألة النعمة والمغفرة، وفي حقّ كافّة المسلمين، فيعمّ الفساد، ولذلك عظُمت المعصية بتركها، ذكره ابن الملقّن (٣).

وزاد في "الفتح": واستنبط منه السبكيّ أن في الصلاة حقًّا للعباد مع حقّ اللَّه، وأن من تركها أخلّ بحقّ جميع المؤمنين، مَن مَضَى ومن يجيء إلى يوم القيامة؛ لوجوب قوله فيها: "السلام علينا، وعلى عباد اللَّه الصالحين". انتهى (٤).

[فائدة]: لَمّا خصّ اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الإسراء بكلمات أربع، هي: السلام عليك أيها النبيّ ورحمة اللَّه وبركاته، أعطى منها سهمًا لإخوانه الأنبياء،


(١) "عمدة القاري" ٦/ ١٦٠ - ١٦١.
(٢) راجع: "الفتح" ٢/ ٥٧٩.
(٣) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٣/ ٤٣٣ - ٤٣٤.
(٤) "الفتح" ٢/ ٥٨٢.