للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاِتكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) بكسر "إن"؛ لوقوعها في الابتداء، وهو في موضع جواب سؤال مقدّر، فكأنهم قالوا له: ماذا نقول؟ وما هو السنّة في ذلك؟ فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لنَا سُنَّتَنَا) أي ما يُسنّ لنا في ديننا من الأقوال والأفعال، (وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا) أي كيفيّتها (فَقَالَ) بالفاء التفسيريّة، فهو تفسيرٌ وبيانٌ لقوله: "علّمنا صلاتنا" ("إِذَا صَلَّيْتُمْ) أي إذا أردتم أداء الصلاة (فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ) أي عدّلوها بإلزاق الكعب بالكعب، والمنكب بالمنكب، وقد ترجم الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه بقوله: "باب إلزاق المنكب بالمنكب، والقدم بالقدم في الصفّ"، ثم أخرج عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري"، وكان أحدنا يُلْزِق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. وفي "فوائد المخلص" بسند صحيح، قال أنس: "فلقد رأيت أحدنا يُلصق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه، فلو ذهبت تفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شَمُوس" (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه الأمر بإقامة الصفوف، وهو مأمور به بإجماع الأمة، وهو أمر ندب، والمراد تسويتها، والاعتدال فيها، وتتميم الأول فالأول منها، والتراصّ فيها، وسيأتي بسط الكلام فيها حيث ذكرها مسلم - إن شاء اللَّه تعالى. انتهى (٢).

(ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ) اللام لام الأمر، وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحريكها، وكسرها بعد "ثُمّ" أكثر من سكونها، ورواية الحديث بالسكون، كقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} الآية [الحجّ: ٢٩] في قراءة الكوفيين، قال ابن هشام: وفي ذلك ردّ على من قال: إنه خاصّ بالشعر.

وقوله: "يؤمّكم" مجزوم باللام، وحُرّك؛ للتخلّص من التقاء الساكنين، وكانت فتحةً للتخفيف.


(١) راجع: "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ١/ ٣٨ - ٣٩ رقم (٣١).
(٢) "شرح النووي" ٤/ ١١٩.