للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[والثانية]: أنه يستحب كون تكبيرة المأموم عقب تكبيرة الإمام ولا يتأخر، فلو تأخر جاز، وفاته كمال فضيلة تعجيلِ التكبير. انتهى (١).

(وَإِذَا قَالَ) الإمام: ({غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فَقُولُوا: آمِينَ) قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: استجب لنا، وقيل: معناه: كذلك نسأل اللَّه لنا، والمعروف فيها المدّ وتخفيف الميم، وحَكَى ثعلبٌ فيها القصر، وأنكره غيره، وقال: إنما جاء مقصورًا في ضرورة الشعر، وقيل: هي كلمة عبرانيّة، عُرِّبت مبنيّة على الفتح، وقيل: بل هو اسم من أسماء اللَّه تعالى، وقيل: معناه بآمين استجب لنا، والمدّة مدّة النداء عوض الياء، وحكى الداوديّ تشديد الميم مع المدّ، وقال: هو لغة شاذّة، ولم يعرفها غيره، وقد خطّأ ثعلب قائلها. انتهى (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دلالة ظاهرةٌ لما قاله أصحابنا وغيرهم: إن تأمين المأموم يكون مع تأمين الإمام، لا بعده، فإذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} وقال الإمام والمأموم معًا: "آمين"، وتأولوا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أَمَّنَ الإمام فأمِّنوا"، قالوا: معناه إذا أراد التأمين؛ ليُجْمَع بينه وبين هذا الحديث، وهو يريد التأمين في آخر قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ}، فيَعْقُب إرادتَهُ تأمينُهُ وتأمينُكُم معًا. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الجمع حسنٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

وفي "آمين" لغتان: المدّ والقصر، والمدُّ أفصح، والميم خفيفة فيهما، ومعناه: استجب، وسيأتي -إن شاء اللَّه تعالى- البحث في التأمين وما يتعلق به مستوفًى في بابه حيث يذكره الإمام مسلم -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(يُجِبْكُمُ اللَّهُ) بالجيم، من الإجابة، وهو مجزوم بالطلب قبله، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ غَيْرِ النَّفْي جَزْمًا اعْتَمِدْ … إِنْ تَسْقُطِ الْفَا وَالْجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ

أي يستجب اللَّه تعالى دعاءكم، وهذا فيه حثّ عظيم على التأمين، فيتأكّد الاهتمام به.

(فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ، فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا) أي اجعلوا تكبيركم للركوع، وركوعكم


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٢٠.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٢٩٨.