للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السجدة لم يفته مقدارها؛ لفعله هو أيضًا مدّةَ انتظاره رفعَ الإمام رأسه واعتداله، فقامت مقام ما سبقه به إمامه، وجاءت أفعاله بقدر أفعاله، وسبقه له مطابق لتأنيه هو بعده، "فتلك بتلك".

وقيل: معناه: فتلك الحالة من صلاتكم وأعمالكم إنما تصحّ بتلك الحالة من اتّباعكم له واقتدائكم به، وقيل: هو راجع إلى قوله: "آمين" بعد قوله: "والضالين"، و"ربّنا ولك الحمد" بعد قوله: "سمع اللَّه لمن حمده"، أي تلك الكلمة، أو الدعوة التي في السورة متعلّقة بـ "آمين"، أو بـ "ربنا ولك الحمد"؛ لارتباط إحداهما بمعنى الأخرى (١).

(وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) قال القاضي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي أجاب اللَّه دعاء من حمده، وقيل: أراد به الحثّ على التحميد، وسياق هذا الحديث يدلّ على أنه إعلام بذلك. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "سمع اللَّه لمن حمده" خبرٌ عن اللَّه تعالى باستجابة حمده ودعائه، ويجوز أن يراد به الدعاء، فيكون معناه: اللهم استجب، كما تقول: صلى اللَّه على محمد. انتهى (٣).

(فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) وفي نسخة: "اللهمّ ربنا ولك الحمد"، قال في "الفتح": كذا في رواية الكشميهنيّ بإثبات الواو، وفيه ردّ على ابن القيّم حيث جزم بأنه لم يَرِد الجمع بين "اللهمّ" والواو في ذلك. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفت روايات الحديث في إثبات الواو وحذفها، واختَلَفت روايات العلماء فيها، فمرّةً اختار مالك إثبات الواو؛ لأن قوله "ربّنا" إجابة قوله: "سمع اللَّه لمن حمده"، أي ربّنا استجب دعاءنا، واسمع حمدنا، ولك الحمد على هذا، وأيضًا فإن الواو زيادة حرف، ولكلّ حرف حظّ من الثواب، واختار مرّةً حذف الواو؛ إذ الحمد هو المقصود، قال القرطبيّ: والظاهر أن الموجب للاختلاف في الاختيار الاختلاف في ترجيح الآثار. انتهى (٥).


(١) راجع: "إكمال المعلم" ٢/ ٢٩٨.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٢٩٨ - ٢٩٩.
(٣) "المفهم" ٢/ ٣٨.
(٤) "الفتح" ٢/ ٥٤٠.
(٥) "المفهم" ٢/ ٣٨.