للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الْحَلِيميّ في "الشعب": معنى الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تعظيمه، فمعنى قولنا: اللهم صل على محمد: عَظِّم محمدًا، والمراد تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته، وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود، وعلى هذا فالمراد بقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ}: ادعوا ربكم بالصلاة عليه. انتهى.

ولا يَعْكُر عليه عطف آله وأزواجه وذريته عليه، فإنه لا يمتنع أن يُدْعَى لهم بالتعظيم؛ إذ تعظيم كلّ أحد بحسب ما يليق به، وما تقدّم عن أبي العالية أظهر، فانه يحصل به استعمال لفظ الصلاة بالنسبة إلى اللَّه، وإلى ملائكته، وإلى المؤمنين المأمورين بذلك بمعنى واحد، ويؤيِّده أنه لا خلاف في جواز الترحّم على غير الأنبياء، واختُلِف في جواز الصلاة على غير الأنبياء، ولو كان معنى قولنا: اللهم صل على محمد: اللهم ارحم محمدًا، أو ترحم على محمد، لجاز لغير الأنبياء، وكذا لو كانت بمعنى البركة، وكذا الرحمة لسقط الوجوب في التشهد عند من يوجبه بقول المصلي في التشهد: "السلام عليك أيها النبيّ ورحمة اللَّه وبركاته".

ويمكن الانفصال بأن ذلك وقع بطريق التعبد، فلا بد من الإتيان به، ولو سبق الإتيان بما يدلّ عليه، قاله في "الفتح" (١).

(عَلَى مُحَمَّدٍ) هو أشهر أسمائه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو اسم منقولٌ من الحمد، وهو في الأصل اسم مفعول من الحمد، وهو يتضمّن الثناء على المحمود، ومحبّته، وإجلاله، وتعظيمه، وقد تقدّم البحث فيه، مستوفًى في "شرح المقدّمة"، فراجعه تستفد علْمًا جمًّا (٢).

(وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) قيل: أصل "آل" "أهلٌ"، قُلبت الهاء همزةً، ثم سُهِّلت، ولهذا إذا صُغِّر رُدّ إلى الأصل، فقالوا: أُهيلٌ، وقيل: بل أصله أَوَلٌ، من آل: إذا رجع، سُمّي بذلك من يؤول إلى الشخص، ويُضاف إليه، ويقوّيه أنه لا يضاف إلا إلى مُعظّم، فيقال: آل القاضي، ولا يقال: آل الحَجّام،


(١) "الفتح" ١١/ ١٦٠ - ١٦١ "كتاب الدعوات" رقم (٦٣٥٨).
(٢) راجع: "قرة عين المحتاج" ١/ ٢٢٢ - ٢٢٤.