بخلاف أهل، ولا يُضاف آل أيضًا غالبًا إلى غير العاقل، ولا إلى المضمر عند الأكثرين، وجوّزه بعضهم بقلّة، وصوّبه القرطبيّ؛ لأن السماع الصحيح يَعضده، فإنه قد جاء في قول عبد المطّلب في قصّة أصحاب الفيل من أبيات:
وقد يُطلق آل فلان على نفسه، وعليه وعلى من يُضاف إليه جميعًا، وضابطه أنه إذا قيل: فَعَلَ آلُ فلان كذا دخل فيهم إلا بقرينة، ومن شواهده قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للحسن بن عليّ -رضي اللَّه عنه-: "إنا آلَ محمد، لا تحلّ لنا الصدقة"، وإن ذُكرا معًا فلا، وهو كالفقير والمسكين، وكالإيمان والإسلام، والفسوق والعصيان.
ولَمّا اختلفت ألفاظ الحديث في الإتيان بهما معًا، وفي إفراد أحدهما كان أولى المحامل أن يُحمَل على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك كلّه، ويكون بعض الرواة حَفِظ ما لم يَحفَظه الآخرون، وأما التعدّد فبعيدٌ؛ لأن غالب الطرق تُصَرّح بأنه وقع جوابًا عن قولهم:"كيف نصلي عليك؟ ".
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن الحمل على التعدّد أقرب؛ لأن السائلين كثيرون، فحملُ سؤالهم على محلّ واحد بعيدٌ جدًّا.
فالأولى أن نقول: إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- علّمهم في أوقات مختلفة بألفاظ مختلفة في بعضها طولٌ، وفي بعضها اختصارٌ؛ توسعةً عليهم، فتكون كألفاظ التشهّد الْمُخْتلِف تعليمه -صلى اللَّه عليه وسلم- للصحابة -رضي اللَّه عنهم- إياها، وكصيغ الاستفتاح، وأذكار الركوع والسجود، والدعوات.
والحاصل أن في الأمر سعةً، فيختار مريد الصلاة عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أيّ صيغة صحّت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَيُصلي بها، والأولى أن يُصلي في وقت بصيغة، وفي آخر بأخرى، وهكذا حتى يستعمل الصيغ التي صحّت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم.