الجزم بأنها فرضٌ، لكن لم أقف على تعيينها، إلا أن في حديث أنس:"فصلى بنا يومئذ"، فكأنها نهاريّة الظهر، أو العصر. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: لفظ حديث أبي داود في "سننه": (٦٠٢) حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جرير، ووكيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: رَكِب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرسًا بالمدينة، فصَرَعه على جِذْم نخلةٍ، فانفكَّت قدمه، فأتيناه نعوده، فوجدناه في مشرُبة لعائشة يُسَبِّحُ جالسًا، قال: فقمنا خلفه، فسكت عنّا، ثم أتيناه مرةً أخرى نعوده، فصَلَّى المكتوبة جالسًا، فقمنا خلفه، فأشار إلينا، فقعدنا، قال: فلما قَضَى الصلاة قال: "إذا صَلَّى الإمام جالسًا، فصلوا جلوسًا، وإذا صلى الإمام قائمًا، فصلوا قيامًا، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها". انتهى.
والحديث صحيحٌ، وهو صريح في أنهم دخلوا عليه يعودونه مرّتين، ففي المرّة الأولى صلَّوا وراءه نافلةً قيامًا، وهو جالسٌ، وفي المرّة الثانية صلَّوا وراءه فريضةً قيامًا، فأشار عليهم بالجلوس، فدلّ على اختلاف الحكم بين الفريضة والنافلة، وأن تلك الصلاة التي أمرهم بالجلوس فيها كانت فريضة، واللَّه تعالى أعلم.
قال الحافظ: لكن لم أقف على تعيينها، إلا أن في حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "فصلَّى بنا يومئذ"، فكأنها نهاريّة: الظهر، أو العصر. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: في استدلال الحافظ على أنها نهاريّة بقوله: "يومئذ" نظر لا يخفى؛ لأن "يومئذ" في مثل هذا لمطلق الوقت، لا لخصوص النهار، فتأمّل، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: قد تبيّن من قوله: "في مشرُبة لعائشة" أن ذلك لم يكن في المسجد، وإنما كان في بيته، وكأنه لم يستطع الخروج لعذره، ولا يمكن التقدّم عليه، فصلّى بهم، وصلّى الناس وراءه في منزله.
قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والظاهر أن مَن في المسجد صلَّى بصلاته؛ لكون منزله في المسجد.