للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالت طائفة: كان أبو بكر هو الإمامَ؛ لما رواه شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلّى خلف أبي بكر، وفي رواية مسروق عنها: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلّى خلف أبي بكر جالسًا في مرضه الذي تُوُفِّي فيه.

وروي حديث عائشة بطرق كثيرة في "الصحيحين" وغيرهما، وفيه اضطراب غير قادح، وقال البيهقيّ: لا تعارض في أحاديثها، فإن الصلاة التي كان فيها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إمامًا، هي صلاة الظهر يوم السبت، أو يوم الأحد، والتي كان فيها مأمومًا هي صلاة الصبح من يوم الاثنين، وهي آخر صلاة صلّاها -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى خرج من الدنيا.

وقال نعيم بن أبي هند: الأخبار التي وردت في هذه القصة كلها صحيحةٌ، وليس فيها تعارضٌ، فإن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلّى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد، في إحداهما كان إمامًا، وفي الأخرى كان مأمومًا.

وقال الضياء المقدسيّ، وابن ناصر: صحّ وثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلّى خلفه مقتديًا به في مرضه الذي تُوُفّي فيه ثلاث مرات، ولا ينكر ذلك إلا جاهل، لا علم له بالرواية.

وقيل: إن ذلك كان مرتين؛ جمعًا بين الأحاديث، وبه جزم ابن حبان.

وقال ابن عبد البر: الآثار الصحاح على أن النبيّ هو الإمام، ذكر هذا كلّه العينيّ في "العمدة" (١).

وقال في "الفتح" ما حاصله: روى ابن خزيمة في "صحيحه" عن محمد بن بشار، عن أبي داود، عن شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: "من الناس من يقول: كان أبو بكر المقدَّم بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصفّ، ومنهم من يقول: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المقدَّم"، ورواه مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، بلفظ: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى خلف أبي بكر"، أخرجه ابن المنذر، وهذا عكس رواية أبي موسى، وهو اختلاف شديدٌ.


(١) راجع "عمدة القاري" ٥/ ١٩١.