للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الركعة الثانية من الصبح، كما صَرَّح به موسى بن عقبة في "المغازي"، فكأنه لَمّا أَنْ مَضَى معظم الصلاة حسن الاستمرار، ولَمّا أن لم يَمْضِ منها إلا اليسير لم يستمرّ، وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف، حيث صلّى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خلفه الركعة الثانية من الصبح، فإنه استمرّ في صلاته إمامًا لهذا المعنى، وقصة عبد الرحمن هي الآتية بعد هذا من حديث المغيرة بن شعبة -رضي اللَّه عنه-.

(فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي رواية للنسائيّ: "ثم جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، والرابط الواو (فَتَخَلَّصَ) قال الكرمانيّ: أي صار خالصًا من الأشغال، فتعقّبه العينيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقال: ليس المراد هذا المعنى هنا، بل معناه: فتخلّص من شَقّ الصفوف، حتى وصل إلى الصفّ الأول، وهو معنى قوله (حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ) أي في الصفّ الأول، والدليل على ما قلنا: رواية عبيد اللَّه العمريّ (١) عند مسلم -يعني الآتية بعد هذا-: "فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخَرَقَ الصفوف حتى قام عند الصفّ المقدّم". انتهى (٢).

وفي رواية للبخاريّ من طريق عبد العزيز، عن أبيه: "فجاء النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشي في الصفوف، يَشُقّها شَقًّا، حتى قام في الصف الأول"، وفي رواية للنسائيّ من طريق حماد بن زيد، عن أبي حازم: "فجعل يشقّ الناس، حتى قام خلف أبي بكر".

(فَصَفَّقَ النَّاسُ) بتشديد الفاء من التصفيق، أي ضربوا كفّ إحدى اليدين على صفحة الكفّ الآخر؛ إعلامًا لأبي بكر -رضي اللَّه عنه- بحضور النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففي رواية النسائيّ، من طريق عبيد اللَّه العمريّ، عن أبي حازم: "وصَفّح الناس بأبي بكر؛ ليؤذنوه برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".

وللبخاريّ من طريق عبد العزيز، عن أبيه: "فأخذ الناس في التصفيح"، قال سهل: أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق. انتهى.


(١) وقع في نسخة "العمدة": "عن عبد العزيز"، وهو غلط؛ لأن هذا عند مسلم ليس في رواية عبد العزيز، وإنما هو في رواية عبيد اللَّه العمريّ، فتنبّه.
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ٣٠٦.