للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالمكث في مكانه، ويَحْتَمل أن تكون تفسيريّة؛ لأنها مسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه، والتقدير: فأشار إليه: أي امكُث مكانك، وقد تقدّم البحث فيها قريبًا.

وفي رواية للبخاريّ: "فأشار إليه يأمره أن يصلّي"، وفي رواية له: "فأومأ إليه رسول اللَّه بيده"، "فدفع في صدره ليتقدّم، فأبى".

(فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ) قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دليلٌ لمشروعيّة رفع اليدين بالدعاء في الصلاة، حيث لم يُنكر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على أبي بكر -رضي اللَّه عنه- رفع يديه. انتهى.

(فَحَمِدَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ ذَلِكَ) وفي رواية للنسائيّ: "فحمد اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- على قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له: امْضِهْ"، وإنما حمد اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأجل إكرام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إياه بالتقدّم بين يديه، وإنما ترك امتثال الأمر؛ لكونه فَهِمَ أن الأمر بذلك مجرّد إكرام، وليس للإلزام، فاختار التأدّب، وإلا فلا يجوز له مخالفة الأمر.

ثم إن ظاهره أنه تلفظ بالحمد، لكن في رواية الحميديّ، عن سفيان: "فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء شكرًا للَّه، ورجع القهقرى".

وادَّعَى ابن الْجَوْزيّ أنه أشار بالشكر والحمد بيده، ولم يتكلم، وليس في رواية الحميديّ ما يمنع أن يكون تلفظ، ويُقَوِّي ذلك ما عند أحمد، من رواية عبد العزيز الماجشون، عن أبي حازم: "يا أبا بكر، لم رفعت يديك؟ وما منعك أن تثبت حين أشرت إليك؟ قال: رفعتُ يدي؛ لأني حمدت اللَّه على ما رأيتُ منك"، قاله في "الفتح" (١).

(ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ) أي تأخّر عن مقام الإمامة (حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ) أي قام فيه، وفي رواية النسائيّ: "ورجع القهقرى وراءه، حتى قام في الصفّ"، وفي رواية له: "ثم مشى أبو بكر القهقرى على عقبيه فتأخّر، فلما رأى ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تقدّم" (وَتَقَدَّمَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَصَلَّى) زاد النسائيّ: "بالناس"، وفي رواية المسعوديّ: "فلما تَنَحَّى تقدم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، ونحوه في رواية حماد بن زيد.


(١) ٢/ ١٩٧.